بقلم: سليم خليل
عشية إنتهاء الحرب العالمية الثانية ١٩٣٩-١٩٤٥ وتقسيم أوروبا إلى شرقية وغربية وظهور معالم ميلاد جبهتين عالميتين ؛ قال أحد القادة المنتصرين : تناسوا خلافكم وتحًسبوا للمارد الأصفر- الصين –
الصين التي حكمها الاستعمار لقرون وقسمها إلى مقاطعات تتقاتل فيما بينها لغاية ظهور ماو تسيكونغ الذي أسس نقابات تدافع عن حقوق العمال وبدأ ثورته الشيوعية في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي لتوحيد البلاد ؛ ثم إندلعت الحرب اليابانية الصينية التي ساعدت ماوتسيتونغ في توحيد الصفوف ضد اليابان والنصر عام ١٩٤٥. عام ١٩٤٩ طرد رموز العهد القديم بزعامة تشاي كانتشيك الذي هرب إلى جزيرة – فورموزا- أصبح إسمها لاحقا – تايوان – التي بقيت تمثل الصين عالميا وفي الأمم المتحدة لغاية السبعينات من القرن الماضي عندما قام الرئيس ريتشارد نيكسون بزيارة ماوتسيتونغ في محاولة لإبعاد الصين الشيوعية عن الإتحاد السوفييتي الشيوعي واسترجعت بعد هذه الزيارة الصين عضويتها في الأمم المتحدة ومركزها كدولة عظمى تتمتع بحق – الفيتو – في قرارات الأمم المتحدة .
نعود إلى تحذير القائد الغربي بالحذر من المارد الأصفر ؛ لقد كانت نبوأته صحيحة لأن الصين مع الإتحاد السوفييتي إخترقوا الخط الفاصل في كوريا بإتجاه المنطقة الحرة الرأسمالية عام -١٩٥٣- واندلعت حرب شرسة بين المعسكرين لمدة أربع سنوات توقفت بتوقيع هدنة وتثبيت الخط ٣٨ الفاصل بين الكوريتين.
لم يتوقف المارد الأصفر ؛ في أواخر الستينات إنطلق جنوبا لتوحيد فيتنام المقسمة مثل كوريا؛ والجميع على علم بشراسة تلك الحرب بين الغرب الرأسمالي من جهة والصين والإتحاد السوفييتي الشيوعي من جهة أخرى .
بعد زيارة الرئيس ريتشارد نيكسون للصين توقفت حرب فييتنام وانسحب الغرب بعد المظاهرات العنيفة التي قامت عالميا إحتجاجا لوقف القتال وعشرات آلاف الضحايا من الجهتين : بعد وقف القتال بمدة قصيرة توحدت فييتنام واستقلت لكنها بقيت تحت النفوذ الصيني الشيوعي .
لم تكن حدود القتال محصورة في فيتنام بل نالت – لاووس وكومبوديا نصيبها من الدمار والقصف الأميركي بملايين القنابل والقذائف – الممنوع منها والمسموح – . وفي زيارة الرئيس باراك أوباما الحالية – للاووس- وعد بتقديم تسعين مليون دولار وتزويد حكومة لاووس بمعلومات عن أماكن ثمانين مليون قنبلة عنقودية ومواقع إلقائها خلال حرب فييتنام . ما يزال سكان لاووس يعانون من انفجار هذه القنابل في الحقول وضحاياها عائلات من رجال ونساء وأطفال .
نشرت وكالات الأنباء العالمية الأميركية وغيرها أنباء زيارة الرئيس أوباما ووعود بالمساعدة على تنظيف لاووس بعد أربعين عاما من ملايين القنابل العنقودية الملقاة خلال حرب فيتنام .
في مطلع التسعينات توجه العالم الحر إلى العولمة وإنفتاح دول العالم على التبادل التجاري الحر . لم يكن بالحسبان إنتقال رؤوس الأموال بسرعة إلى مواقع فيها ضمانات للربح!!
نالت الصين حصة الأسد من رؤوس الأموال وأصبحت بلاد الميليار ومئتي ملوين من السكان بفترة قصيرة مصنع العالم وغزت المنتجات الصينية العالم أجمع بما في ذلك دول العالم المسمى بالثالث لرخص الأسعار والجودة والتنوع الهائل .
تحدثت الصحف والمراجع الاقتصادية في حينه عن استحالة استمرار الصين بغزو العالم ببضائعها لأن مواردها الطبيعية ستنفذ وتتوقف عن الإنتاج لكنها استطاعت التسلل إلى البلاد الأفريقية ومناطق أخرى وإنشاء صناعات محلية لقاء المواد الأولية !!! طبعا يلي هذا التسلل التجاري نفوذ سياسي وهذا ما يقلق الغرب وهذا ما دفع الرئيس باراك أوباما إلى زيارة
فيتنام وحاليا – لاووس- وألغيت زيارة الفيليبين لتطاول رئيسها على الرئيس أوباما بكلام إعتذر عليه لاحقا .
هذا النشاط الدبلوماسي الأميركي الحالي في الشرق الأقصى وعلى حدود الصين يأتي لاحتواء النفوذ الصيني في العالم ولإحياء الأحلاف والعودة إلى التكتل مع الغرب ؛ هذا التكتل الذي لم يهتز حربيا بل بعلاقات تجارية سليمة قامت بها الصين مع جاراتها التي شعر حكامها بالإهمال من الغرب المشغول بنشر الحرية والديمقراطية والدفاع عن حقوق
الإنسان وإنقاذ الشعوب من فساد الحكام وهذا ما نراه في الشرق الأوسط خاصة وفي مناطق أخرى في العالم ودمار
البلاد حيث يدافع الغرب عن هذه الشعارات.