بقلم: كنده الجيوش
هل سمع احدنا عن تعبير يوصف به سكان شمال المملكة العربية السعودية: يسمونهم «الشوام» لما لهم من خصائص ثقافية واجتماعية كثيرة تشابه أهل الشام. وفي السعودية يتم تداول هذه الصفة بشكل محبب بين المواطنين السعوديين .. والجميع سعودي والجميع مواطن. واعتقد أن هذه مسألة إيجابية وظاهرة جميلة أن يعترف أبناء الوطن الواحد بالاختلاف والتشابه في إطار ودي ومحبب. والكثير منا يعرف أن سبب ذلك هو تقارب القبائل العربية والسكان في هذه المنطقة تاريخيا مع أهل بلاد الشام والتزاوج والتجارة..
ولكن بعيدا عن هذا الشكل من التشابه والاختلاف الإيجابي وربما أقول في قضية ومسألة مختلفة في حيثياتها وأساساتها هنا قضايا من نوع مختلف وأحيانا يتم الحكم عليها وعلى البلدان بشكل غير دقيق.
وهناك أخبار كثيرة تم تناقلها أخيرا عن قضايا متنوعة ولكنها تصب في إطار واحد يتعلق بموضوع الجنسية والمواطنة والأهلية الشرعية والقانونية في بعض من بلداننا العربية.
والبعض يتهم بعض هذه الدول بممارسة احد أشكال العنصرية.
من هذه القضايا قضية «البدون» في الكويت حيث يحرم البعض من السكان من حق المواطنة الكاملة وأحيانا يتم منحه الجنسية (أي وثيقة للإقامة والسفر وليس للمواطنة) بدعوى أنهم ليسوا من السكان الأصليين. وقضية مشابهة من قطر عن قبيلة «بني مرة» بأنهم ليسوا من السكان الأصليين وبالتالي يحق لهم العيش في البلاد ولكن ليس بإدارتها.
وأنا لست بصدد بحث تفاصيل هاتين القضيتين لأنها معقدة ولا يمكن الحكم عليها بشكل دقيق هنا واعتقد أنها تصب في بعض المصالح السياسية وأمور الحكم قبل كل شيئ.
ولكن ولهذين البلدين العربيين الحبيبين نقول «ماذا لو كنّا أكثر مودة ورحمة بمن يعيش معنا!» وخاصة من عاش بيننا سنوات طويلة.. أو حل عادل ما.
البلدين العربيين لهما سيرة طويلة وجميلة في أعمال الخير للعرب وغيرهم في العالم. ومن اجل هذا التاريخ وهذه الأعمال يجب أن لا نترك قضايا كهذه كالجرح المفتوح يستطيع كائن من كان أن يمد يده ويؤلمنا من خلاله.
ونحن جميعا نعرف أن الدول العربية والخليجية لها خصوصياتها وتقارباتها وتباعداتها الاجتماعية والثقافية والسياسة… والحديث هنا هو ابعد مايمكن عن الانحياز لجهة ما..
هذا النوع أو شبيه بهذا النوع من القضايا ليس غريب على العالم الغربي الديمقراطي .. وأخبار الجماعات المناهضة للمهاجرين كثيرة وتملأ الصحف كل يوم. ولكنها تبقى ضمن إطار نظام ديمقراطي يدرس الأمور بميزان القانون والإنسانية معا.
وحتى لا نغفل المصداقية هنا فإن اللاجئ والمواطن المهاجر يصبح مواطنا كاملا وله كل الحقوق في الدول الغربية حين الحصول على الجنسية.
وحتى أيضا لا نغفل ايجابيات بلادنا العظيمة نذكر مثلا مصر التي احتضنت مئات الآلاف من اللاجئين السوريين.. ولبنان (الذي يوجد فيه من يبغض اللاجئ والزائر السوري ولكن فيه أيضا اللبناني الذي يحب هذا السوري ويحميه بهدب العين) وفي لبنان ملايين السوريين وسابقا الفلسطينيين. والأردن الذي اثبت أهله أيضا أنهم كانوا أهلاً للفلسطينيين في السابق ولاحقا كانوا اهلًا بكل حق للسوريين لاحقا .. الشهامة العربية بعينها.
وطبعا هناك فرق أن الموضوع يخص اللاجئ وليس المهاجر أو المواطن.
وبلداننا العربية الخليجية وغيرها اليوم تساعد العرب ممن ألمت به ظروف الحياة بعدة أشكال سواء من خلال توفير فرص العمل او المساعدات الإنسانية أو الاحتضان او..
الموضوع له أذرع كثيرة ومتشعبة وتتشابه وتتباعد وتتلاقى .. على ارض واحدة هي إنسانية الجميع والجميع فوق أية بقعة من الأرض.