بقلم: فـريد زمكحل
لا يمكن لدولة في حجم مصر بأي حال من الأحوال أن تنجح في عبور أزمتها الاقتصادية الطاحنة دون العمل على تغيير كل المسببات والأسباب التي أوصلتها لهذا الوضع المتردي والخطير ، الوضع الذي يتطلب من القائمين على الأمر ضرورة التخلي عن كل الأفكار القديمة الفاشلة، والعمل على إسناد هذا الملف الخطير إلى المتخصصين في هذا المجال من أصحاب الخبرة والكفاءة كبديلاً طوعياً وواقعياً عن أهل الثقة وعديمي الخبرات.
ولازلت لا أفهم كيف يمكن لأي نظام باحث عن جذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز أصحاب رؤوس الأموال للعمل والاستثمار على أراضيه دون أن يأخذ بعين الإعتبار مخاوفهم المشروعة من الهيمنة التامة للدولة ونظامها العام على كل كبيرة وصغيرة بما لايخدم مصالح المستثمر وللأسف ولا مصالح الدولة في النهاية ، خاصة مع توغل القطاع الأكبر من الجيش في المنافسة المباشرة مع المستثمرين وهو يتمتع بكل الحقوق والامتيازات والإعفاءات التي لا يتمتع بها رجال الأعمال من المستثمرين ما يجعل من هذه المنافسة منافسة غير عادلة لهم مقابل استثمارات الجيش، هذا من جانب، وكيف يمكن لمستثمر أن يطمئن على أمواله واستثماراته في بلد تجتمع فيه سلطاته القضائية والتشريعية والتنفيذية تحت أمرة الرئيس السيسي الذي يجمع علاوة على منصبه كرئيس للجمهورية مناصب أخرى عديدة منها:
1- رئاسة المجلس الأعلى للقوات المسلحة
2- رئاسة المجلس الأعلى للشرطة
3- رئاسة الهيئة العليا للاستثمار
4- رئاسة المجلس الأعلى للقضاء
الأمر الذي لا يتوافق مع المعايير الدولية الجاذبة لرؤوس الأموال وللمستثمرين في جميع دول العالم.
لأنه في حال حدوث أي خلاف للمستثمر مع الدولة أو أي جهة سيادية فلمن سوف يتوجه بشكواه بعد أن جعلت الدولة من نفسها الخِصم والحَكَّم وهو ما لا يوفر أي فرصة لتحقيق العدل والعدالة لهذا المستثمر في هذه الدولة.
هذا بخلاف النقص الحاد الملحوظ في النقد الأجنبي من العملات الصعبة في البنوك المصرية أو الأجنبية العاملة في الدولة، الأمر الذي قد يضطر فيه المستثمر للجوء للتعامل مع السوق السوداء التي قد يتخطى سعر بيع العملات الأجنبية لديها عن ذلك السعر الرسمي التي تتعامل به البنوك المصرية التي لا يتوافر لديها المخزون اللازم منه وهو ما يزيد من صعوبة الموقف للراغبين من هؤلاء المستثمرين بتحويل أرباحهم بالعملة الأجنبية لحساباتهم الشخصية أو التجارية في بلادهم الأم.
وكلها في تقديري معوقات سوف تزيد من حجم الأزمة الاقتصادية الراهنة إن لم تقم الدولة بتصحيح المسار عن طريق تقزيم دور الجيش في هذا المجال للحد الأدنى لإتاحة الفرصة العادلة والكاملة للراغبين في الاستثمار سواء من الأجانب أو من المصريين المقيمين داخل مصر أو خارجها. بالإضافة لضرورة فصل كافة السلطات الرسمية للدولة عن بعضها البعض لتحقيق العدل والعدالة والآمان وخلافه من المعايير المنشودة لنجاح جذب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار وهو ما لم ولن يتحقق سوى باكتفاء الرئيس بشغل مهام منصبه الأساسي كرئيس للجمهورية ورئيس للمجلس الأعلى للقوات المسلحة .. مع ضرورة تقليص الفساد للحد الأدنى والاهتمام بالنهوض بالتعليم والثقافة وسائر الخدمات التي تهيئ المناخ الجيد للمستثمرين والاستثمار.
وكلها تُمثل في تقديري بعض الحلول السريعة والملحة والضرورية التي ستساعد الدولة على الاستقرار وبالتالي على تجاوز الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي تتعرض لها البلاد في الوقت الحالي لانقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، حيث لن ينفع الندم.
وللحديث بقية إن شاء الله مع أطيب أمنياتي لمصر وشعبها الطيب الأمين.