بقلم: فريد زمكحل
تتأخر الدول وتتخلف بمقدار ما يستفحل ويستشرى فيها الفساد والتطرف الذي يتأصل بموت الضمير بعد اغتيال كافة مبادئ الخير والجمال والقيم الإنسانية النبيلة أو اعتقالها بأمر مباشر من بعض الجهات السيادية في الدولة عن عمد ومع سبق الإصرار والترصد، وهو الأمر الذي بات يزعجني في صورة مصر الحديثة وحياتها اليومية المُعاشة.
وأخطر أنواع الفساد في تقديري ذلك الذي يصدر من أو عن الأجهزة السيادية الممثلة للدولة مثل أعضاء مجلس الشعب والشورى الذين انتخبهم الشعب لكي يدافعوا عن مصالحه الوطنية حتى ولو تعارضت مع بعض قرارات رئيس الجمهورية الذي قد يخطأ ويصيب مثله في ذلك مثل أي إنسان على وجه الأرض.
والتأييد المطلق لكل ما يصدر عن الرئيس بالحق أو بالباطل مفسدة مطلقة تؤدي إلى انعدام الثقة بين الشعب وبين منَّ يمثلوه والتي تنعكس في النهاية وتؤثر على شعبية الرئيس في الشارع بالسلب، خاصة في قرار مثل قرار بيع مصنع الحديد والصلب الذي اتخذه الرئيس بدون الرجوع لاستطلاع الرأي العام للشعب المصري صاحب السيادة وكل السلطات الذي فوض الرئيس في كل ما قام وأوصله إلى سدة حكم مصر.
والسؤال هنا لماذا اتخذ الرئيس هذا القرار وهو لا يصُب في مصلحة الاقتصاد القومي المصري بل يضّره كل الضرر؟
لأنه يؤكد على فشل الحكومة والدولة في إدارة مثل هذا الصرح العملاق لتحويل خسائره المتراكمة نتيجة فساد الإدارات التي قامت بإدارته إلى أرباح دائمة مع إدارة جديدة شريفة قادرة على إدارته بصورة صحيحة تُعيده للمنافسة المحلية والإقليمية في مجال صناعة الحديد والصُلب من جديد!!
وقرار الرئيس ببيعه يؤكد على عدم ثقة الرئيس بإمكانية وجود إدارة شريفة بعيدة عن كل أشكال الفساد … الأمر الذي يتناقض مع ما التزم به الرئيس أمام الشعب بمحاربة الفساد والقضاء عليه والذي إذا قبل بهذا لن يكون للشعب المصري أية صروح وطنية صناعية عملاقة تُؤمّن يومه وغده ومستقبله ومستقبل أولاده… في الوقت الذي يجب أن تراعى فيه الدولة مصالح الوطن والمواطن المصري بصورة متوازنة بين القطاعين العام والخاص وبما يضمن عدم توغل الخاص على العام وعلى عدم تراجع العام عن مواكب الخاص ومواكبته بسبب الفساد وغياب الضمير عند الموظف العام في الدولة والحكومة.
لذا ومن موقعي أُعلن عدم موافقتي وقطاع كبير من المصريين في الخارج على قرار السيد الرئيس ببيع مصنع الحديد والصلب أحد أهم فقرات العمود الفقري للإقتصاد المصري صناعياً، وقد حان الوقت لكي نتعلم من أخطاء الماضي علَّنا ننهض بهذا الشعب وبقيمه الوطنية وضميره الإنساني من جديد من خلال قيام الدولة والنظام بتطهير نفسها أولاً وأخيرا من كل عناصر الفساد التي تسيطر عليها وتتحكم بها على حساب الفئة الأكبر من الغلابة من محدودي الدخل من أبناء الشعب المصري، وحتى لا نضطر لبيع كافة صروحنا الوطنية بسبب الفساد مع الشهور والسنوات القادمة. وعلى الرئيس الإلتزام بما تعهد به والقضاء على كل أشكال الفساد التي باتت تسيطر على كل مناحي الحياة في مصر المحروسة.
اللهم إني قد بلّغت اللهم فأشهد!