بقلم: فرج ميخائيل
“ الشغل مش عيب جملة من المؤكد انك سمعتها كثيرا في حياتك وقد تكون ترددها دون ان تطبقها بدليل تهافت الشباب على التعيين في الوظائف الحكومية تطبيقا لمقولة “ ان جالك الميري اتمرمرغ في ترابه “، وانتظارهم للوظائف التي تطابق مجال دراستهم ، وتفضيل الفتيات الجامعيات للبحث عن زوج عن البحث عن عمل ، من الواضح اننا مازلنا نعتبر الاعمال البسيطة” مش قد المقام” والموافقة على اى عمل متاح هو نوع من انواع التنازل ، ومن يتجرأ ويكسر هذا الحاجز قد تتبرأ منه اسرته ، أويقع فريسة نظرات المجتمع الاحتقارية .
يوسفني ان اعترف ان مجتمعنا نجح في تصدير هذه الافكار النمطية والتي تقوم على الطبقية والتفرقه بين الناس علي أساس المظاهر والمستويات الاجتماعية للاجيال الجديدة وبينما نحن نتشبث بهذه الافكار جيل وراء جيل يسقط المستقبل من بين ايدينا وتزاداد معدلات البطالة لدينا .
وقد نظن ان المهاجرين لخارج البلاد يتخلون عن مثل هذه الافكار على سلالم الطائرة ،ولكن استوقفتني سيدة هاجرت كندا منذ اكثر من 15 عام تقول للمهاجرين الجدد “ مش هتتكسف لما اولادك يعرفوا انك بتجمع قمامة اوعامل في بنزينة او بياع فى محل بعد ماكنت في بلدك متخرج من كليات القمة ، هيقولوا لك ايه لما يشوفوا اولاد العم والخال يعيشون حياة رغدة في مصر وانت مازلت تقف مكانك تصارع”
تعجبت ان المجتمع الذي عاشت فيه هذه السيدة لاكثر من 15 عاماً لم يستطع تغيير تفكيرها وإقناعها بأن “ الشغل مش عيب” ، فتلك النظرة الطبقية التي اودت بمصير وزير العدل وخلعته من منصبه بسبب مقولته الشهيرة “ابن عامل النظافة لن يصبح قاضيا” ، لا تختلف عن الاصوات المحبطة التي تقول “ هتسافرعلشان تغسل مواعين الاجانب ،” هتبقى عبد عندهم بفلوسهم “، “اللي بتبتدى صغير بيفضل صغير”، “ ليه البهدلة ما انت كنت في بلدك معزز مكرم “.
وقبل ان اهاجمها بكلمة واحدة ، لم تنجوا بحديثها هذا من براثن مهاجرين مثلها ، نجحوا في تغيير حياتهم بتخليهم عن تلك الموروثات البالية ، واجابوها بان الدول المتقدمة لا توجد فيها كليات قمة ، حيث ان الشخص يعتبر في القمة وناجح إذا أتقن عمله الذي يعمله بغض النظر تحت أي مسمى ، وان عامل البنزينه في الخارج يعيش انسانيته اكتر من المهندس او الطبيب في مصر، وان من المفترض ان يفتخر بك ابناءك لانك تقدم لهم مثال عملي على الاجتهاد والتضحية وان كل شخص له دوره في عجلة الحياة، والمهن التي نعتبرها بسيطة كمهنة النجارة و الحدادة و الكهربائي و عامل المحارة و السباك وعامل البناء مهن تدر دخلا أكبر من العمل بالمكاتب المكيفة في الخارج ، وان الدول الكبرى ذات الاقتصاديات العالية نجحت لان مواطنيها لا يجدون أي عيب بالعمل في أي مهنة، ولنا مثال فثلث شباب أمريكا يعملون بوظائف أقل من مؤهلاتهم .
استفيدوا يا مصريين من ذلك استقطبوا هذه الافكار البناءة لتنمية بلادكم استغنوا عن النظرة النمطية لبعض المهن ، ثوروا على المعتقدات التي تعوق تقدمكم ، انتم امام تحدي حقيقي هناك الكثير من المشروعات العملاقة في طريقها اليكم ،الشغل حقاً ليس بعيب ، فمادام أنت تعمل و تأخذ مستحقاتك من تعبك ، فلا يستطيع مخلوق على وجه الكرة الأرضية أن يلومك أو يعيبك، فكلمات اغنية فيلم النمرالاسود الذي قام ببطولته احمد زكي كانت تقول اتقدم .. اتقدم .. اتقدم وكفاية خلاص تتندم طول ما الدنيا هدور انا من الدنيا هتعلم للشمس للنور مش هيعطلنا سور…






























