بقلم : أمال مزهر
الوالدة سلمى فجعت وانقلبت حياتها إلى كابوس من الحزن الشديد بوفاة الزوج الحنون لأسرته المكونة من ثلاثة بنات توجت بولادة ولد ليحمل اسم العائلة بعد سنوات، أسمته على اسم والده أيمن في وقتٍ فيه معيشة العائلة والحالة المادية في ظروف ضيقة .
الوالدة سلمى لم تتجاوز العقد الثالث صبية في عمر الورود، أطفالها وصراخهم يوجع القلب والروح، في البداية التفت العائلة لمساعدتها في محنتها لفترة محدودة، أيام وليالي لم تنشف دموع سلمى لحالها الحزين وهي منتظرة رب العون أن يعينها وتستطيع العبور بسلام إلى بر الأمان. كانت لا تنام الليل والنهار ومن حولها تدور الدائرة حولها لمساعدتها في طريق صعب والثمن غالي وهي متمسكة بعفتها وإصرارها في النضال في الحياة من اجل أطفالها القصر وهي الوصية عليهم بقرار المحكمة العدلية ولم يتبنى أحدا من العائلة الوصاية على أربعة أطفال لتكون هي الأم والأب .
أجل كانت عيون العشاق تغمز نحوها مع حاجتها الماسة للمعيشة والحفاظ على رعاية أطفالها ومعشوقتهم سيدة شابة جميلة تخطف الأنفاس ، لكنها أدركت مبتغاهم ونواياهم غير الإنسانية باحتقار، الغاية إذلالها مقابل حفنة ليرات بعد سنة من الفقر والعذاب قررت أن تتحدى بقوة الإرادة وتفكر بسبل النجاة وتحمل تربية أولادها بالسعي كي تمكنهم من الالتحاق بالمدارس، الطفل الذي لم يتجاوز السنتين وضعه في الملجأ لتتفرغ بالعمل في تنظيف البيوت لإعالة أسرتها، والحالة مقبولة مستورة ولم تسلم من التحرش الجنسي، مسيرتها صعبة بعد ذلك قررت ترك المدينة سافرت وبين حنايا الروح والقلب الحنون استقرت في مدينة دمشق بعد أن وجدت منزلا بمساعدة الرعية حسب رغبتها، وبدأت في التفكير بالعمل على تأجير غرف والخدمة لتأمين أيجار البيت ومصروفها، عملت الليل والنهار في تأمين كل ما يلزم إلى تأهيل الغرف السكنية نظيفة وموقها من رغبة الطلاب للحاق بالجامعات .
كبر الأولاد والنجاح في دراستهم بالإضافة إلى مساعدة الوالدة في الأعمال المنزلية.
بعد سنة من وجودهم في الإقامة الجديدة تعرفت على الجيران وكانوا محط احترام ومودة، مما لفت أنظار الشاب عادل الى رغبته بالعلاقة وطلب الزواج من سلمى، قررت سلمى القبول لطلب عادل وتم كتب الكتاب على أساس النوايا الطيبة بالتعاون معا على سعادة الأسرة ويكون أبا رديف للمرحوم أيمن الذي حرموا منه باكرا. لم تمضي على زواجها سنتين لم تشعر الوالدة بالاطمئنان على أولادها قررت أن تنفصل والطلاق من الزوج الغيور والأناني بعلاقته مع أطفالها … في محاولة الزوج في التحفظ على مشاركة ولدي الوحيد في تناول الغذاء أثناء وجوده مما جعلها رافضة تصرفه الغاشم نحو ابنها عند وجوده الأسبوعي من الميتم ليشارك أخواته.
مرت سنين والبنات متفوقات في المدارس ولدها الوحيد أعادته وضمته إلى العائلة حيث الحب والحنان يجمعهم. ماهر أنهى المرحلة الإعدادية، ولم يرغب بمتابعة الدراسة بعد طلبه أن يتحول إلى تعلم مهنة النجارة ، بعد عام انتقل إلى تغيير رغبته إلى حلاقة رجالية، مع كل ليلة لا يكف عن الكلام وما سمعه من الزبائن مما لفت نظر الوالدة في نقله إلى ورشة صيانة الأجهزة الكهربائية نجحت في تفعيل الرغبة واجتهاده مع ملاحظة المعلم ذكائه ومتابعة اتكاله على العمل وتقاضى راتب يعين الأسرة… كانت الحياة تمضي بسلام والبنات تخرجن بتفوق وكن محط أنظار الراغبين بالزواج منهن ولم تستسلم إلى الارتباط قبل التخرج من الجامعة لكن المهندس وسيم لم يتوقف على إصراره بطلب يد هلا وبعد تخرج ندى من الجامعة تم الارتباط بكتب الكتاب وفرحة هلا كبرى البنات وفرح الأسرة الأول كلله النجاح، أما سهى ونبيلة توظفتا بمفاصل الدولة والوالدة كانت مرهقة متعبة صحتها تتدهور وتخطف البسمة من حياتها بعد اكتشاف التقرير السريري للاختصاصي مرضها الخطير، الصلاة لم توقف سلامتها ونقلت للعناية المركزة لتمضي أسبوع والعائلة في خوف وحزن منتظرين عودتها لبيتها لكن القدر تمكن من خطفها وتيتمت العائلة وخيم الحزن والألم عليها بسبب أم كانت تضحياتها لا محدودة قدوة في الوفاء والإخلاص نذرت حياتها قربانا لأولادها بعد حرمانهم من والدهم لتكون الأب والام الحنون.