بقلم: كلودين كرمة
الكيل بمكيالين هو ولى أمر لأبناء وبنات كثيرين.. الحسد…الغيره…الكره…الأنانية…الإهانة…الانتقام..الشر…الحقد…الضغينة…و نعبر عن كل هذا بكلمة عامية بسيطة…” اشمعنا”… فى ظاهرها…كلمة استفهام بريئة..يتفوه بها الطفل منذ نعومة اظافره …ولكن لا تلقى هذه الكلمة اى مدح من المجتمع..ولكن على العكس انها تقابل بالتعنيف..حرصا أن لا يعتادها الطفل ويظل يشعر بالظلم انه لا يحصل على نفس الفرص أو نفس طريقة التعامل مثل الآخرين…
ولكن فى الحقيقة أن المذنب الأول فى هذه الكارثة هو للأسف الإنسان “البالغ الرشيد” فإنه دائما ابدا يستخدم كلمات مرادفة لنفس كلمة “اشمعنا” مثل انظر هذا وتعلم من تلك وفكر بطريقة فلان وأسلك
على إثر خطوات ذاك….وتعبيرات أخرى كثيرة..تترجم عند من يتلقاها بأنه لا بد أن يقارن تفكيره وتصرفاته وسلوكه ويقوم ببرمجة نفسه على هذه الأساليب..حتى يكون نسخة اخري من هذه الشخصيات…نفس فكرة النظام التعليمى تلقى ثم احفظ ثم كرر..
وبعد أن نعّلم الأطفال هذا السلوك الذي يؤدى بهم إلى العديد من الأمراض النفسية إذا لم يستطيعوا أن يحققوا ما حققه هؤلاء فيصابون بالإحباط والإحساس بالفشل..ويدخلون فى دائرة الغيرة المرة، وتباعيتها التى تغير من سلوكه وردود أفعاله وحتى نظرة عينيه وتقاسيم وجه …. ويصبح عنيفا في سلوكه اعتقادا منه أن ما لم يكن يستطيع الحصول عليه بالسلم سيحصل عليه حتما بالقوة والعنف مستخدما فى ذلك النفوذ ، المال ، القوة، التهديد.. وغيرها من السلوكيات المدمرة لمعنى التعاطف والمحبة والإنسانية… والعجيب اننا بعد ذلك نطلب منه بطريقة مشددة وجادة .
“ لا تنظر إلى ما فى يد اخيك “لا تطمع فى ممتلكات غيرك “ خليك فى حالك “ لا تعتاد المقارنات لا ترهق اعصابك “ان الله قسم لكل واحد رزقه”….
فهل هذا بعدل أن نعلم الشئ وضده وحفر هذه التعاليم وعكسها فى نفس الشخصية… ثم نتعجب و كأننا لا ندرك السبب ونعلق أن هذا الإنسان تفكيره مشوش.. وان ذاك شخصيته “مهزوزة” والآخر كلامه متناقض.. وليس عادلا ويكيل بمكيالين.!
فلننتبه كيف نربي أولادنا وما نزرع فيهم من معتقدات وما نوجههم إليه من مبادئ وما هى الخطوات التى نطلب منهم اتباعها وأسلوب التفكير والقيم والتعاليم والثقافات المتنوعة وخصوصا فى وجود وسائل التكنولوجيا التى هى بمثابة سلاح ذو حدين وخاصة فى غياب الرقابة وانتشار المواقع الإباحية التى تنزع من الإنسان ماهيته وتنزل به إلى مستوي الكائنات الغير عاقلة…فتؤدى بنا إلى الانحدار إلى أسفل السافلين..
فلنرتقى بأفكارنا ولنسمو بأخلاقنا ولنعد إلى الطبيعة النقية التى خلقنا عليها الله ..فحاشا لله ان يكون خلق شيء مشينا او قبيحا.. فلنجاهد حتى نرتقي وننتقى وننزع الشوائب من نفوسنا فنسحق أن نكون عباد الله فحينئذ يأخذ بيدنا ويفيض علينا بالكثير من نعمه ، فنعم بالحياة ومباهجها التي لا تغضب الخلق ولا الخالق سبحانه وتعالى.