بقلم: فريد زمكحل
فوز الحزب الليبرالي في الانتخابات التشريعية التي انتهت مساء يوم الأثنين الموافق 21 اكتوبر الجاري بعدد من المقاعد التي تؤهله لتشكيل حكومة من الأقلية، لا ينفي تقدم حزب المحافظين عليه وفوزه، من حيث التأييد الشعبي بنسبة 34.4 بالمائة من أصوات الناخبين، مقابل 33 بالمائة للحزب الليبرالي الذي خسر عدداً من المقاعد في المقاطعات الشرق الأطلسية وفي مقاطعة كيبيك، في الوقت الذي نجح فيه حزب المحافظين الحفاظ على شعبيته في مقاطعات البراري في وسط الغرب الكندي، والذي بعث زعيمه السيد أندرو شير برسالة صريحة وواضحة لزعيم الحزب الليبرالي جوستان ترودو، مفادها أنهم جاهزون لتولي السلطة عندما تسقط حكومته بعد تراجع التأييد الشعبي له وللحزب الليبرالي.
وأضاف السيد شير في كلمته، لقد نجحنا في تحويل حكومة كانت تتمتع بالأكثرية في ولايتها الأولى إلى حكومة أقلية وحصدنا المقاعد والدعم في سائر انحاء البلاد وأصبحنا في الطليعة من حيث تأييد الناخبين.
وتقديري الشخصي للموقف السياسي الكندي في ظل تشكيل حكومة أقلية من الليبراليين تؤكد حجم الأخطاء التي وقع فيها السيد ترودو أثناء ولايته الأولى في ظل حكومة من الأغلبية وأثرت سلباً على نسبة التأييد الشعبي له ولحزبه الليبرالي بشكل كبير، ما وضعه بالفعل في مأزق تشكيل حكومة من الأقلية لن تتمتع بحرية تمرير تشريعات القوانين بسهولة رغما عن أنف المعارضة كما كان عليه الحال عندما كانت حكومته تتمتع بالأغلبية في ولايته الأولى… بل عليه أن يتوقع من الآن بأن الأمور ستتجه نحو الأسوأ في ظل وجود معارضة قوية فازت بأعلى نسبة من التأييد الشعبي في كندا رغم فوز الحزب الليبرالي بعدد المقاعد التي تؤهله من تشكيل حكومة من الأقلية في الوقت الراهن، والذي اعتقد بأنها إما ستخلق منه زعيماً حقيقياً أو ستقضى عليه وعلى شعبية الحزب الليبرالي لصالح حزب المحافظين لسنوات عديدة قادمة.
والسؤال الأهم ويفرض نفسه بقوة هل تعلّم السيد ترودو الدرس الذي حوّله من رئيس حكومة أغلبية إلى رئيس حكومة أقلية؟
هذا ما سوف تُجيب عنه الأيام والأسابيع والشهور القليلة القادمة في ظل تفاقم حجم الدين العام، وغلاء المعيشة والضرائب العامة المفروضة على كاهل المواطنين الكنديين مع نقص وتراجع كافة أنواع الخدمات الاجتماعية المقدمة لهم على كافة المستويات والتي تنذر بعواقب سياسية واجتماعية على مستوى كبير من الخطورة إن لم يتم التصدي الجاد والحاسم لها من قبل هذه الحكومة التي أتوقع لها عدم النجاح والاستمرارية في ظل وجود معارضة قوية وممثلين أقوياء لأحزاب سياسية كندية اخرى لا تتفق مع سياسات هذه الحكومة أو السياسات السابقة للسيد ترودو، إن لم توفق حكومته الجديدة في ايجاد الحلول المناسبة لكل هذه المشاكل دون القاء المزيد من الضغوط على كاهل المواطنين البسطاء، لأنه وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.
اللهم إني قد بلغت اللهم فأشهد !!