بقلم: كنده الجيوش
سوريا اليوم هي بائعة الكبريت الفقيرة التي أضاعت حذاءها وماتت متجمدة من البرد القارس ليلة رأس السنة وهي تشعل ما تبقى لديها من أعواد الكبريت الصغيرة لتدفئ قدميها الصغيرتين وهي تهذي وتتخيل أنها تحتفل مع السعداء من الأسر التي تراها عبر النوافذ.
مر على سوريا حرب مدمرة وفقر مدقع وجوع ومرض وعلى رأسها الكوفيد… والآن زلزال لم يرحم الفقير والغني ولم يرحم بلدا ربما تعيش على هيئة هيكل عظمي من شدة الإرهاق.
والآن حان الوقت ليس فقط لإرسال المعونات العاجلة في هذا الوقت العصيب وفتح الكثير من القنوات لدعم البلد اقتصاديا وصحيا وإنسانيا وإنما أيضا أن يعاد النظر بالعقوبات.. نعم .. أثار الحرب المدمرة لم ترفعها ومعاناة كوفيد لم ترفعها ولكن الآن والتأثير التراكمي لكل الآلام يفرض على الجميع أن يقف وقفة إنسانية ويطالب برفع العقوبات فيها لمساعدة البلد المنكوب والإنسان المنكوب.
انه ليس وقت شد الحبال أو العض على الأصابع أو إضافة الضغوط من اجل كسب معركة ما. ولا يكفي أن نرسل مساعدات معينة هنا أو هناك قليلة أو كبيرة اقتصادية وصحية وإنسانية وإنما أيضا حان وقت الحل الجذري… هذا الزلزال مع الوضع الكارثي سوف تتداعى أثاره أمراض ودمار للإنسان لا تقل عن آثار الحرب المدمرة.
العقوبات لم تنجح بالسابق في فرض خيارات سياسية حقيقية وإنما ما نجح هو المفاوضات وتقريب وجهات النظر والمواقف. ونعرف أن أول من يدفع ثمن العقوبات هو الشعب أهل البلاد وأبناء البلاد الذين يربون دون تعليم جيد أو رعاية صحية أو حتى غذاء.
انه برد الشتاء القارس.. انه الزلزال واسر بأكملها ماتت أو تحتضر في المستشفيات أو تحت الأنقاض أو حتى في الشوارع بسبب عدم قدرة البنية التحتية والخدمات والمستشفيات على التعامل مع هذه الكارثة.. اسر وجرحى يعيشون في الشارع الآن في الصقيع القارس القاتل.
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
سوريا اليوم هي سوريا الحرب المؤلمة التي دمرت البنية التحتية وحطمت الإنسان وروحه على مدى عشرة سنوات.. وهي سوريا التي فقدت جزء كبير من أبناءها إما باللجوء والهجرة أو موتا بالنيران.
سوريا اليوم هي ذلك الشعب المسكين الذي يفتقر إلى الماء والكهرباء والغذاء والأمان بمعاني عديدة.
إنها سوريا اليوم التي لا تحتاج حلول على نمط مسكنات الآلام وإنما سوريا التي تحتاج ويحتاج أبناءها أن يعاملوا إنسانيا مثل بقية شعوب العالم وان لا يبقى هذا الشعب يتحطم يوميا تحت عقوبات تقصم روحه قبل ظهره.
انه الزلزال.. انه برد الشتاء القارس..
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.