بقلم: علي عبيد الهاملي
في الوقت الذي كانت فيه أنظار المسلمين في كل أقطار العالم تتجه إلى السماء لتحري هلال شهر شوال لتبدأ العيد بعد الصيام، كانت الرؤية قد ثبتت حول ما يحدث في المنطقة، بعد أن دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عاهل المملكة العربية السعودية إلى ثلاث قمم في مكة المكرمة، يومي الخميس والجمعة الأخيرين من شهر رمضان المبارك، خرجت بما يؤكد وحدة وتكاتف قادة دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية والإسلامية الذين حضروا القمم الثلاث، ووقوفهم ضد التدخلات الإيرانية، وتأييدهم لموقف المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تجاه الأعمال التي قامت بها الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران، من الهجوم بالطائرات المسيرة على محطتين لضخ النفط وسط المملكة، والأعمال التخريبية التي طالت أربع سفن تجارية في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات. لقد كان خادم الحرمين الشريفين واضحا وصريحا عندما قال في الكلمة الافتتاحية للقمة الخليجية الطارئة «إن ما يقوم به النظام الإيراني من تدخلٍ في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وتطويرِ برامجه النوويةِ والصاروخية، وتهديدهِ لحريةِ الملاحة العالمية بما يهدد إمداداتِ النفط للعالم. يُعد تحدياً سافراً لمواثيقِ ومبادئِ وقوانين الأممِ المتحدة لحفظِ السلم والأمن الدوليين. كما أن دعمَه للإرهابِ عبر أربعةِ عقودٍ وتهديده للأمنِ والاستقرار بهدف توسيعِ النفوذ والهيمنةِ هو عملٌ ترفضُه الأعرافُ والمواثيق الدولية»، مؤكدا أن الأعمالَ الإجرامية التي حدثت مؤخراً باستهدافِ أحدِ أهم طرقِ التجارة العالمية بعملٍ تخريبي تستدعي منا جميعاً العملَ بشكل جاد للحفاظِ على أمنِ ومكتسبات دولِ مجلسِ التعاون. هذا الموقف الصريح والواضح من التدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة، من خلال وكلائها الذين يأتمرون بأوامرها، ويعبثون بأمن بلدانها واستقرارها، دعمته تصريحات السؤولين الإيرانيين أنفسهم، فقد اعترف علي فدوي، نائب قائد الحرس الثوري، غداة انعقاد القمتين الخليجية والعربية، بأن إيران تدعم الحوثيين في اليمن بكل ما تستطيع، شارحاً أن ما يمنع إرسال قوات إيرانية إلى اليمن كما يحصل في سوريا هو الحصار المفروض على اليمن، حسب تعبيره. وقال فدوي، في مقابلة مع القناة الثالثة للتلفزيون الإيراني مساء الخميس الماضي «إن مساعدة الحوثيين بكل الطرق فرض علينا وفقا للقرآن، وإننا نقوم بهذا الواجب»، حسب تعبيره. وهو يأتي بعد أن ثبت أن إيران تقف خلف الأعمال التخريبية، التي أكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن إيران كانت تُحاول من خلالها رفع أسعار النّفط من خلال استهداف ناقلاتٍ نفطيّة قبالة سواحل الإمارات. وجاء تصريح بومبيو متزامنا مع تصريح آخَر لجون بولتون، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، اعتبر فيه أنَّ من شبه المؤكّد أنّ إيران تقف وراء عملية تخريب السفن الأربع قبالة سواحل الإمارات، قائلا إن الولايات المتحدة ستقدم أدلة إلى مجلس الأمن الدولي بأن إيران كانت وراء الهجوم. لهذا جاءت القمم الثلاث كي تبعث رسائل واضحة وحازمة لكل من يتدخل في أمن الخليج أو يتعرض للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. هذا الموقف الواضح والصريح من التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي للدول العربية، يقابله على الجانب الآخر موقف متخاذل ومريب من أطراف أخرى تدعي العروبة، لكنها تدافع دفاعا مستميتا عن إيران. هذه الأطراف لا يخفي بعضها موقفه، بل يعلنه متخذا الاصطفاف إلى الجانب الإيراني، بينما يحاول البعض الدوران حول الموضوع، بادعاء أن إيران جارة ومسلمة. هذه الأطراف تحاول من خلال وسائل إعلامها، التي أصبح دورها معروفا ومكشوفا، أن تبريْ إيران والإيرانيين من الأعمال التخريبية التي يعرف الجميع أن إيران تقف خلفها، بالاعتراف الصريح والضمني من قبل مسؤوليها. هذه الأطراف لم يعد هناك مجال للمزيد من أكاذيبها، فقد ثبتت الرؤية، والأكاذيب التي تروجها أجهزة إعلامها أصبحت مكشوفة للجميع. لذلك فإن أنصاف المواقف أصبحت مرفوضة، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته، فلا حجة لأحد بعد أن ثبتت الرؤية ولم يعد هناك مجال للمراوغة والمواقف الملتوية.