بقلم : نضال الصباغ
لا يخفى على أحدا أننا نملك تراث و حضارة قديمة عريقة تمتد لآلاف السنين و جميعنا يعلم أن أجدادنا قالوا حكم كثيرة تتطابق و الواقع الآن .. و السؤال :
هل كان أجدادنا يعلمون بعلوم المستقبل ..؟
حدث معي قبل عدة سنوات موقف لم و لن أنساه مطلقا و ذلك عندما صادقت السيجارة و صارت أفضل أصدقائي وكنت في ريعان شبابي .. و نحن في عائلتنا لدينا عادات و تقاليد لا يمكن أن تكسر أِو يخل بها فمثلا تجتمع العائلة يوم الجمعة من كل أسبوع يتسامرون و يتحدثون و دائما ما يكون هناك محور رئيسي للنقاش و اخترت اليوم أنا أن أكون محور حوار اليوم ..
لم أتردد أبدأ بطرح موضوعي للنقاش لأننا تعودنا على الثقة بالنفس و تعلمنا أن نكون صادقين بجميع ما نفعل و نقول .
وقفت أمام الجميع و صارحتهم بأنني صادقت السيجارة و أنني أدخنها منذ شهر تقريبا و أنني انتظرت هذه المدة حتى أتحدث لكم لأنني أعطيت نفسي فرصة حتى أعلم مدى قربي لها .
الحقيقة أنني تخيلت أن عائلتي سوف تثور و تغضب و لكنني ذهلت من النتيجة .. لم أتلقى ذلك اللوم الذي توقعته, البعض بدأ بنصحي و البعض الآخر حاول محاورتي للتخلي عنها .. لكن انتباهي كان مشدودا باتجاه والدي الذي صمت طوال السهرة و هذا ما جعلني أقلق . .
هنا تبدأ المخيلة بنسج الكثير من الردود التي سوف أواجهها من والدي و لكنني تفاجأت بأنني لم أتلق اياً منها .
انتهى يوم الجمعة بسلام و كنت محور الحديث لساعات متعددة.
في اليوم الثاني و على طاولة الفطور استدعاني والدي و بعد الفطور قام و قال لي .. اِلحق بي لغرفة المكتب و هنا بدأت الأفكار تتشابك حول ردة فعله ..
يوم أمس لم يتحدث حول الموضوع و هو اليوم صامتاً أيضاً على الفطور .. عقلي بدأ بمحاورة داخلية حول ردة فعل والدي و كيف ستكون ..
دخلت غرفة المكتب أضرب أخماس بأسداس جلست و قام والدي و قدم لي سيجارة و قال لي تفضل و أشعلها فرفضت فأصر إلا أن أشعلها و أكد على الموضوع .. اضطررت لإشعالها و سألني لماذا لم تشعلها أول مرة فقلت احتراما لك لا يمكن أن أدخن بوجودك فرد قائلا لا تحترمني بهذا الأمر و احترمني بكل الأشياء الأخرى ..
كنت سعيداً لأن والدي و الذي هو صديقي بل أقرب أصدقائي سمح لي بمرافقة السيجارة و لا أخفيكم كنت سعيداً و لكن للحظة سألت نفسي ما هي الأشياء الأخرى التي يجب أن احترم والدي بها … اليوم وبعد سبعة عشر عاماً أدركت ما قاله لي والدي ..
إنها الحياة و مدخلاتها الكثيرة .. إنه بر الوالدين الذي يجب أن نعمل لأجله و الذي يجب أن لا نتجاهله أبدا.
أجمل ما في فترة شبابي كانت صداقتي لوالدي و ثقته بي .. اعتقد أنني الآن أستطيع أن أعطيكم نصيحة جيدة و هي أن تكونوا صادقين مع أبائكم و كونوا رعاة لهم و خير سند حين يحتاجونكم.