بقلم: سناء سراج
كانت أماني فتاة عادية في كل شئ إلا قلبها الكبير الصغير كانت تحب بعمق وكأنها تحمل من السنين عتيه رغم أن عمرها لا يتجاوز الستة عشر عاما..
كانت تسمع عن الحب ولكنها لم تصادفه كانت تتساءل ياترى الحب ده شكله ايه طعمه ايه هل يشترى أو يباع ازاي اعرف اني بحب؟؟ وظلت هكذا بضع سنوات قليلة ..
وكانت تسترجع كل اغاني العندليب تلك الأسطورة التي تعلمت منها معنى الحب كانت تطير بجناحيها مع نبرات صوته الذي لا يشبه احد وأنغامه التي تذيب القلب عشقا وغراما، مرت سنوات قليلة حتى صادفت شخص، وصادفها الحب معه عندما أحست أن روحها تنسحب منها وان قلبها يكاد يقفز من بين ضلوعها وتزداد دقاته عندما تراه، كان يكبرها بأكثر من عشرين عاما وهي مازالت الفتاة الصغيرة المراهقة في مرحلة الثانوي ذات الستة عشر عاما، ولا أحد يتخيل أنها تحب وتعشق كل هذا الحب وبهذا العمق..
ولكن حدث وعاشت أماني كل الأحاسيس في هذه القصة الرائعة والخيالية والتي كانت من طرف واحد، فلا أحد غيرها يعرف أنها تحب وتذوب عشقا وأنه، هو من تمنت وحلمت به كثيرا، كانت أماني فتاة خجولة جدا وتحمل في طياتها براءة ونقاء من النادر أن تجده في أشخاص كثيرة.
ظلت أيام وشهور تراه في حصص الدرس مع زميلاتها، ولم تجرؤ أن تلمح أو تنطق بحرف له ولكن كان كل الحب والشوق والترجي ينطق في عينيها الجميلتين ولمعه الحب والحزن التي ترتسم بين أجفانها.
وذات ليلة ذهبت للدرس فلم تجد احد غير حبيبها (عز الدين) فاضطرت أن تغادر المكان ارضاءا للعادات والتقاليد، التي يرفضها قلبها، وأخذت منه وعدا، أن تغادر اليوم وتأتي غداً ليعوضها الدرس الفائت، وعادت إلى البيت ترفرف كعصفور هائم في سماء شاسعة تعلو وتهبط وكأن النسيم يأرجحها، وألقت بنفسها على السرير شاخصة بعينها للسماء تردد كل حرف نطق به حبيبها ورونق حياتها وتستعيد كل نظرة منه إليها، وانه وعدها أن يلقاها غدا بمفردها ويشرح لها الدرس حتى لو لم يأتي احد،.
وفجأة يأتي إلى مسامعها صوت أم كلثوم تغرد برائعة…. اغداً ألقاك ياخوف فؤادي من غدِ يالشوقي واحتراقي في انتظار الموعد..
وكأن القدر يهديها هذه الأغنية تعبر وتنطق عما تحسه وتنتظره من مقابلة حبيبها حتى لو كان لا يعرف قدر حبها أو الحنين الجارف الذي يملا قلبها.
حقا لو استعاد كل منا ذكريات مرت بحياته لسرد عشرات القصص والحكايات أو الرسايل التي أهداها القدر والصدفة إليه والأغاني التي تأتي في وقتها وعبرت عن المواقف التي نعيشها وكأن القدر يقرأ مشاعرنا ويشاركنا أحاسيسنا الجارفة ودقات قلوبنا لذا ادعوكم أن تستمتعوا برائعة اغداً القاك وكانت هذه حكاية غنوة.
أغداً ألقاك؟
يا خوف فؤادي من غدِ
يالشوقي واحتراقي في انتظار الموعدِ
آه، كم أخشى غدي هذا وأرجوه إقترابا
كنت أستدنيه لكن هبته لما أهابَ
وأهلّت فرحة القرب به حين استجابَ
هكذا أحتمل العمر نعيماً وعذابا
مهجةً حرة، وقلباً مسَّه الشوق فذابا
أنت يا جنة حبي واشتياقي وجنوني
أنت يا قبلة روحي وانطلاقي وشجوني
أغداً تشرق أضواؤك في ليل عيوني؟
آه من فرحة أحلامي، ومن خوف ظنوني
كم أناديك وفي لحني حنين ودعاء
يا رجائي أنا، كم عذبني طول الرجاء
أنا لولا أنت لم أحفل بمن راح وجاء
أنا أحيا في غدي الآن بأحلام اللقاء
فأتِ أو لا تأتِ، أو فإفعل بقلبي ما تشاء!
هذه الدنيا كتاب أنت فيه الفِقرُ
هذه الدنيا ليال أنت فيها العمرُ
هذه الدنيا عيون أنت فيها البصرُ
هذه الدنيا سماءٌ أنت فيها القمرُ
فارحم القلب الذي يصبو إليك
فغداً تملكه بين يديك
وغداً تأتلف الجنة أنهاراً وظلّا
وغداً ننسى فلا نأسى على ماضٍ تولّى
وغداً نَسهوْ فلا نعرف للغيب محلا
وغداً للحاضر الزاهر نحيا ليس إلا
قد يكون الغيب حلواً، إنما الحاضر أحلى.