بقلم : أمال مزهر
بعد انتظار طويل لموعدي مع السفر نهضت باكرا لأجمع حوائجي وحقائبي ،كان الطقس باردا ، السماء منيرة كأنها شمس النهار ، والثلوج تتساقط وتكسو كل مكان، سجادة بيضاء كأنها صفحة لتدوين صفحات كتاب تصف عليها ساعة عاصفة هوجاء رياحها تتقلب بين اليمين والشمال، خلف النافذة أراقب وهواجسي تتقلب ساعة صفاء وتهدأ لحين ساعة انطلاقي لموعد السفر الى بلاد الشام، موعد انطلاق الطائرة من مطار مونتريال ، بعد ان قمت بتجهيز حقائب السفر وارتداء المعطف منتظرة ساعة الانطلاق ،طرق السائق الباب لمساعدتي في نقل الحقائب بكل همة ونشاط وأصبحت جاهزةللسفر …
لم يكن المطار بعيدا عن سكني، نصف ساعة وأصبحت أمام مدخل المغادرة. تم نقل الحقائب على عربية وانصرفت السيارة وانا بطريقي لداخل المطار كانت الأنوار والمسافرين يسرعون الى مراكز النوافذ لشركات السفر ليأخذوا بطاقات الدخول وترك الحقائب الى الأمن العام بعد التدقيق في وزنها وتنميرها على البطاقة، أخذت مقعدي منتظرة موعد الدخول الى الطائرة.
جلس بجانبي مسافر اظنه على نفس التوجه، التفت اليه فإذا هو مبتسم حياني بطرح سؤاله هل انت عربية؟ أجبته بأدب واحترام بنعم، متابعا حديثه أظن اننا على نفس الطائرة؟ نعم، إذن لبنان هي المحطة نعم، ممكن التعارف؟ انا لبنانية وأسمي زينة زيارتي الأولى بعد غياب عشرة سنوات بقصد أهلي والدتي المريضة، متابعا حديثه انا فؤاد من الجنوب وأيضا غيابي عن الوطن وأهلي تجاوز العشرين عاما، آه آه كم الغربة صعبة ومريرة.
حان وقت الدخول الى الطائرة وأخذ الركاب يتابعون ارقام مقاعدهم وللصدفة كان المسافر يجلس على المقعد بجانبي مبتسما يا للصدفة يا الله أهذا من إرادة الله؟؟؟ قائلا انا سعيد بمعرفتك ويسعدني ان اكون من أصدقائك؟ لم اكن أتوقع سؤاله وبعد هنيهة صمت نظرت اليه قائلة يشرفني معرفتك، متابعا بأدب واحترام هل بنا التواصل بعد الفراق وانتهاء رحلتنا؟ ممكن رقم الهاتف من فضلك؟ ربما يكون طريقنا واحد وهذا ما اراده الله؟ بكل سرور هبطت الطائرة على ارض المطار وانصرف كلاً منا في طريقه على أمل التواصل…..
بعد أسبوع تلقيت رسالة يعرض علي اللقاء وتناول فنجان قهوة في احد المقاهي في قلب المدينة ومنتظر الجواب …..في مقهى (ويمبي) بشارع الحمراء الساعة الخامسة بعد ظهر يوم الأحد،أخذت طريقي ملتزمة بالوقت المحدد وصلت وكانت الساعة الخامسة والخمس دقائق لأجده بانتظاريبابتسامة وترحيب قائلا اهلًا وسهلا يسعدني انك في حضرتي والتي كنت انتظرها بقلب كبير وسعادة بدون تكليف سيدة زينة تفضلي إجلسي في قلبي امل كبير كنت ابحث عنه من زمن بعيد يا لها من فرصة العمر ،تجاذبنا الحديث وانصرف كل منا على أمل اللقاء من جديد وان نلتقي بكندا وهذا مريح للطرفين للتفاهم أكثر وربما يكون مشروع زواج كان مستحيلاً في الماضي ،هل الإنسان يستطيع أن يبني حياته في مهب الريح إذا لم تتفاعل مشاعر الحب من أول نظرة على بناء حياة عائلية دون حب حقيقي يتراقص قلبيهما له؟ انها السبيل الوحيد لهذا الطريق….