بقلم: كيندة الجيوش
أودُّ العودة لهذا المقال لما تنطوي عليه العملية المؤسساتية من أهمية و التي لا يفوقها أهمية إلا العامل الإنساني و تزاوجه مع المعلومة الدقيقة من منظورٍ محلي في زمنٍ بالغ الحساسية و التعقيد السياسيين.
كانت لي جلسة ودية مع الرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد مع مجموعة من الزملاء الصحفيين في التسعينات من القرن الماضي.. ومن أكثر الجمل التي قالها لنا وبقيت حاضرة أمس واليوم في ذاكرتي مفادها انه .. نحن الروؤساء العرب نحتار في أحوال كثيرة في العثور على المصادر السياسية والتاريخية المناسبة في مواقف يتوجب علينا فيها اتخاذ قرار دولي او إقليمي او حتى محلي سياسي سريع!!.. وأحيانا كثيرة .. بما معناه.. كان هؤلاء الروؤساء او القادة العرب يتخذون القرارات كصورة عمياء!! وهكذا كان البعض من الروؤساء يصنع قرارات خاطئة.. ويا لدهشتنا حينها!!! وربما نعيش اليوم نتائج بعض هذه القرارات. وكان علي ناصر محمد هذا الرئيس السابق يعيش لاجئا او مبعدا سياسيا في دمشق التي كانت منزلا للجميع!! وكان يحاول ان يؤسس مركز دراسات استراتيجية في دمشق لصناع القرار. وكان يُؤمِن ان مكتبات وكتاب ومفكري ومصادر دمشق من افضل الأماكن لهذا الأمر!! اليوم ومع تطور عالم المعلومات والمعلوماتية أصبحت المصادر كلها قريبة ومتوفرة ولكن الطريق الى المعلومة الصحيحة والدقيقة والمناسبة أصبحت متشعبة وأحيانا كثيرة مضللة!! ولازالت الحاجة ماسة الى العامل الإنساني .. وهو المفكرين والمؤرخين والباحثين الذين يمزجون بين المعلومة الدقيقة والمنظور المحلي والعامل الإنساني من اجل الاهتداء في هذه الشعاب و في عز أزمتنا الانسانية المؤلمة في الشرق الأوسط!! وهنا اذكر ان ابنة الرئيس اليمني علي ناصر محمد كانت زميلتنا في الدراسة الجامعية!! وكانت فتاة منعزلة ولم نكن نعرف من هي. وكانت ملامحها عربية ولكنها ليست من الوجوه المألوفة في الشام!! ولكن بطبع أهل الشام لم نشأ ان يبقى بيننا من يحس نفسه غريبا! الشام وأهلها ام للجميع!! وذهبنا اليها انا وصديقاتي وأصبحت صديقة لنا وبقينا فترة طويلة نجهل هويتها الحقيقية!! كانت تخشى من البوح بها!! تلك كانت أولى التجارب لنا في معرفة آلام الابعاد واللجوء!!! اليوم كسوريين نعرف تلك الآلام ونعرف احيانا كيف نخشى من التوقف عند هويتنا على معبر او حدود!! ربما عالمنا يحتاج لقرارات صحيحة وإنسانية تجنبنا جميعا آلام تشابه العنصرية احيانا كثيرة! وبالمقابل ما اجمل ان يحتوينا مجتمعنا الجديد بالاغتراب والهجرة ويحيطنا بالمودة وما اجمل ان نتصادق ونتآخى مع هذا المحيط!! ربيعنا محبة وسلام قادم للجميع رغم قسوة الشتاء!!