بقلم: فـريد زمكحل
بعد إبلاغ شركة الطاقة الروسية العملاقة المعروفة باسم «غاز بروم» نظيرتها البلغارية المملوكة للدولة بأنها ستقوم بقطع وإيقاف الغاز عن بلغاريا، اعتباراً من أول أمس الأربعاء 27 ابريل الجاري وعلى ذلك تعتبر بلغاريا الدولة الثانية بعد بولندا التي تتعرض لخطر حظر الغاز الروسي عنها، وذلك لرفضها دفع قيمة ما يورّد لها من الغاز بالروبل الروسي، معللة ذلك بأن إجراءات الدفع الجديدة التي يطالب بها الجانب الروسي لا تتوافق مع العقد المبرم بين الدولتين وسارياً حتى نهاية هذا العام ومن شأنه تشكيل خطر كبير على بلغاريا، والذي قام فيه الجانب البلغاري بالوفاء بكافة التزاماته بالكامل بسداده لجميع المستحقات المالية المطلوبة بموجب هذا العقد وفي المواعيد المحددة لذلك، والمنصوص عليها في العقد المبرم بينهما بجدية، ووفقاً لأحكامه، مؤكدة على قيام الوكالات الحكومية البلغارية باتخاذ الخطوات اللازمة لوضع الترتيبات البديلة التي تساعدها للحصول على الغاز الطبيعي ومعالجة الوضع الراهن الذي يواجه البلاد، في الوقت التي صرَّحت فيه المفوضية الأوروبية بأن الشركات الأوروبية قد يمكنها شراء الغاز الروسي بالروبل دون وجود أي انتهاك للعقوبات المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي على روسيا، نتيجة قيامها بغزو أوكرانيا وذلك خلال الوثيقة التي نُشرت أمس الخميس من جانب المفوضية وأعلنت فيها بأنه من الممكن للمرسوم الصادر عن موسكو ويطالب فيه بسداد قيمة مدفوعات الطاقة بالعملة الروسية ألا يتعارض مع عملية السداد التي تتماشى مع الإجراءات التقيدية للاتحاد الأوروبي في هذا الشأن.
خاصة والمرسوم الصادر من الجانب الروسي في أواخر مارس/ آذار الجاري قد طالب الشركات العالمية المتعاملة معها بضرورة امتلاك حسابات في شركة غاز بروم الروسية المملوكة للدولة، والتي من شأنها تحويل مدفوعات الغاز المستحقة عليهم إلى الروبل من أجل الوفاء بالعقود المبرمة بينهم وبين الجانب الروسي في هذا الخصوص، وذلك بدلاً من التداول المباشر مع الشركة.
لأن العقوبات المفروضة على شركة غاز بروم كانت ولازالت من قبل المملكة المتحدة والولايات المتحدة وليست من جانب الاتحاد الأوروبي .. كما يمكن لشركات الاتحاد الأوروبي أن تطلب من الشركات الروسية الوفاء بالتزاماتها التعاقدية بنفس الطريقة التي كانت تتعامل بها قبل اعتماد المرسوم الروسي الجديد (أي بسداد المبالغ المستحقة على هذه الشركات الروسية لشركات الاتحاد باليورو أو بالدولار.)
إلا أن المحصلة النهائية تؤكد نجاح الرئيس بوتين في مواجهة الفخاخ الاقتصادية التي فرضت عليه من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي من خلال مرسومه الذكي الذي يشترط الدفع بالروبل، الأمر الذي قفز بسعر الروبل لأعلى مما كان عليه قبل العقوبات الدولية الأخيرة التي فرضت على روسيا، حيث وصل أمس الخميس إلى 79,25 روبل مقابل الدولار الواحد، وذلك بعد وصوله لمستويات قياسية وصلت لـ 117 روبل للدولار الواحد في ضربة معلم من جانب الرئيس بوتين ضد الفخ الأمريكي البريطاني الأوروبي المنصوب له، والأيام القادمة ستثبت تفوق السياسة الروسية الخارجية في هذا الايطار بصورة غير مسبوقة ستغير الكثير والكثير في السياسات العالمية الحالية.