بقلم: فـريد زمكحل
قمت في مقالي الافتتاحي للعدد السابق من الرسالة رقم 476، بنشر مقال الصحفي «فرانسيسكو سيرانو» المنشور في مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية تحت عنوان «ديكتاتورية السيسي غير مستقرة». الذي أرجأت التعقيب عليه لهذا العدد إحتراماً مني للمساحة المخصصة للمقال الافتتاحي..
أقول أزعجني جداً ما جاء في مقال السيد/ فرانسيسكو سيرانو لأنه يحمل من ملامح المشهد المصري الداخلي السائد حالياً الكثير من الحقيقة، ولابد أن نعترف بذلك ولابد للنظام الحاكم أن يدرك بأن ما يدور في الوقت الراهن في إطار المنظومة العامة للسياسة الداخلية في مصر لن يفيد أو يخدم مصالح الوطن والمواطن على الأمد القريب أو البعيد، لأنه يتجاوز مصالح المجموع الذي يتشكّل منه ما يعرف بالوطن، وعلى الرئيس المصري أن لا يسمح لبعض المقربين منه من غير المخلصين في النجاح فيما يخططون له لهدم شعبية الرئيس لدى الشعب الذي فوضه لقيادته .. لاللحجر عليه وعلى الرأي المُعارض له طالما كان في إطار القانون ولا يتعارض مع مبادئ الميثاق المصري ويحترم حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الاختلاف الذي لا يجب أن يفسد للود قضية.
وأعلم كما يعلم النظام بأن العالم قد تحول بالفعل لقرية صغيرة على اتساعه وبأن ما يقع في الشرق يُعرف في الغرب لحظة وقوعه والعكس صحيح بكل، تأكيد نتيجة هذا الكم الهائل من وسائل التواصل الاجتماعي المتطورة وتزداد تطوراً يوماً بعد يوم، والتي باتت تعكس صورة لم أكن أتمناها لمصرنا الحبيبة أو لقائدها بصفة شخصية ومنها:
عدم وجود إعلام معارض تابع لأحزاب المعارضة المصرية التي غُيّبت عن المشهد وغيَّب قادتها بشكل مكشوف ومفضوح للداني والقاصي ولم يعُد هناك سوى ذلك الإعلام الفاشل بكل المقاييس والتابع للدولة والمتحدث باسمها للأسف الشديد بالطبلة والصاجات…
والذين صوروا المشهد العام «على أن كل من يختلف مع الدولة أو النظام هو بالضرورة خائن وغير وطني وكاره لمصر».
الأمر الذي أعادنا إلى عصر أصحاب الثقة من المقربين للسلطة والمؤيدين لها حتى وأن كانوا من الفاسدين والمفسدين الذين سيطروا على كل مفاصل الدولة الرئيسية مع استبعاد كل منَّ يختلف معهم في الرأي من الشرفاء عن المشهد الإداري للدولة بمجمله ليطول ذلك كل مناحي الحياة بما فيها النشاط الرياضي من أندية واتحادات تدار من أكبر منظومة فاسدة في مصر … وللأسف بتأييد ودعم من حكومة الدكتور مصطفى مدبولي أو «حكومة الجباية» كما يطلق عليها المصريون في الوقت الراهن…
نعم استشرى الفساد في مصر مع غياب أصوات المعارضة الرسمية والمشروعة وليست تلك الكرتونية الهزلية الممثلة في حزب مستقبل وطن الذي لا يفكر قادته لا بالوطن ولا بمستقبل الوطن أو المواطن.
نعم هذه هي الحقيقة الذي ينبغي على الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يعمل على تغيير وجهها لما يناسب ويتناسب مع طموحات الشعب المصري الذي قام بتفويضه لقيادته وتعهّد أمامه باحترام الرأي والرأي الآخر وبمحاربة الفساد حتى القضاء عليه .. وللأسف لم يستطع تحقيق ذلك حتى الآن… رغم كل ما حققه من إنجازات على أرض الواقع لا يمكن لمنصف أن ينكرها وإن كانت حتى اليوم لم ترتقي لتحسين الوضع الفعلي المعاش للأغلبية الكادحة من الغلابة من أبناء الشعب المصري بشكل محسوس.
نعم للعالم عيون ترى .. وآذان تسمع .. وعلينا أن نعود إلى صحيح الطريق سريعاً حتى لا تفتح علينا أبواب الجحيم المتربصة بنا بشدة ويعرفها الرئيس عبد الفتاح السيسي بكل تأكيد … وتحيا مصر!!