بقلم : سوسن شمعون
عرّف علم النفس الفوبيا بأنها رُهاب أي خوف مرضي من شيء ما يؤدي إلى هاجس يسيطر على تفكير المصاب و أفعاله , فنراه يوقع نفسه بمشاكل و مآزق كبيرة معتقداً أن المسبب لها هو هذا الشيء الذي يخافه و لأن هذا الرهاب قد شلّ تفكيره و حجب بصيرته , و هذا الكلام ينطبق حالياً على مجتمعات بأسرها خلقت ما يعرف بفوبيا الإسلام حتى سيطر عليها و على كل أفعالها و انعكس سلباً على كل مسلم , إن الفوضى الحقيقية التي نشرها متأسلمو العصر و من ورائهم صانعو الإرهاب كرست مفاهيم جديدة أكثر عنصرية و همجية تجاه هذا الدين الحنيف و مما زاد الطين بلة هو تواني و تباطؤ الإعلام العربي و المفكرين المسلمين في التوعية و ليس فقط الدفاع عن الإسلام فحسب و إنما قصورهم عن ردع الأفكار المعادية له بشفافية و مصداقية في العمل و القول , إن اندفاع كثيرٍ من الشباب و طيشهم أودى إلى زيادة دوامة العنف بالتعامل مع هذا الدين من المدافعين عنه و المهاجمين له , و التكفير كان أحد أساليب الدفاع و الهجوم اللاعقلانية , و عندما نتحدث عن الحركات التكفيرية و كيفية انتشارها و اتساعها نذكر كيف بدأت الوهابية و كيف ظهر تنظيم القاعدة و غيرها من الأسماء المتعددة ذات الهدف الإجرامي الواحد , و من أَسسها كان غرضه السيطرة على العالم بخلق رعب مصطنع لأجل التجاء الخائفين له و الاختباء تحت عباءته , و كذلك لكي يقتل الحمقى بعضهم و يقضّوا مضجع أعدائه و لإثارة فتن لا تجعل العالم يعيش بهدوء , فعندما تشكلت القاعدة في أفغانستان كان وجودها لمواجهة المعسكر السوفييتي وقتها , و مع مر السنين وجدت القاعدة نفسها كالعبد الضال الذي استغنى عنه أسياده بعد أن أدى مهماته لهم و هاهو يعود لأن لديه مهمات جديد وقد أصبح له أتباع من الفقراء و المنبوذين و الذين يبحثون عن مجدهم المبتذل أو ممن يتم استغلالهم مادياً و تحريضهم دينياً و نفسياً تجاه من كبتهم وأسكتهم يوماً, وإن أنصتنا للإعلام الغربي فإن أولئك الذين تم تدريبهم و برمجتهم و تصديرهم لبلاد الشرق حتى ينفذوا ما يحسبونه جهاداً فالآن وبعد أن حققوا جزءاً من أهداف أسيادهم يكتشف بعضهم أنهم مجرد دمى يحركها الكبار كيفما يشاءون فعادوا إلى بؤر الفساد الأولى لينشروا أفكارهم و أعمالهم الإجرامية , وتلك الدول الغربية التي تمول و تدرب و ترسل المرتزقة كانت غايتها تغيير ديموغرافية المنطقة فغضت الطرف عن انتشار الدعوات السلفية المتشددة في أراضيها لاعتقادها أنها تؤسس بشكل غير مباشر لجيش من المندفعين و المارقين و المنحرفين ليلقوا مصيرهم في أراضٍ أخرى ولتحقق هذه الدول أهدافها دون أن يلوث أبناؤها الأصليون أيديهم وليزيد ذلك من اضطرابات في تلك المناطق , والإعلام يقول إن أي عملية تحدث بالغرب تدعى (إرهابية) ولابد للعالم أن يندد لأجلها و يستنكر و يشجب ثم يحشد الجيوش لرد الصاع صاعين ,أما ما يحدث في شرقنا الجريح منذ عقود فالمسألة فيها وجهات نظر مختلفة تنتهي بشكوى لمجلس الأمن , و إن دققنا بالتصريحات اللاحقة لأي حدث (إرهابي) و كأنه يعطي تعليمات معينة لاتخاذ قرارات ذات أهداف بعيدة المدى , و لنتذكر جميعاً أحداث الحادي عشر من أيلول حينما اختفى كل الموظفين اليهود من أعمالهم يومها , فهذا يدل على علمهم بالجريمة, و قرار الضربات الإستباقية و الحرب على الإرهاب و الذي اتُخذ بعد هذه الأحداث يوضح حقيقة و أهمية تلك العمليات الإرهابية , وفي النهاية إن أي جريمة على مستوى دولي يمكن أن تكون رسائل لنشر المزيد من الفوبيا الإسلامية تحدث و تتفاقم بأيدٍ يهودية أو داعشية خادمة للصهيونية العالمية, و لمزيد من تشويه صورة الإسلام و إثارة الرعب منه و حقد العالم على أتباعه. و نحن المعنيون بالأمر هائمون فقط بين اكتناز المال و الحفاظ على المناصب و لتذهب القيم و المبادئ و الإنسانية إلى الجحيم.