بقلم: سليم خليل
كارلوس غصن من أصل لبناني من مواليد البرازيل ، يحمل الجنسية الفرنسية ؛ لمع نجمه كمهندس أنقذ شركة سيارات - رينو – الفرنسية من التدهور بمهارته في التوفير منطلقا من مبدأ – إذا استحال الربح يجب أن تجد مواقع التوفير –
منحته حكومة فرنسا الجنسية الفخرية لإنقاذه شركة السيارات – رينو – حيث تملك الحكومة حصة مهمة في رأسمال الشركة ؛ وتسلم منصب رئيس إداري في الشركة .
مع إنهيار الأسواق التجارية العالمية في نهاية القرن الماضي ومطلع أعوام الـ 2000 تدهورت أحوال شركة سيارات – نيسان – اليابانية واشترت شركة – رينو – الفرنسية كمية ٤٣٪ من أسهم – نيسان – واشترت الشركة اليابانية – نيسان – ١٥٪ من قيمة الشركة الفرنسية – رينو – وهذا يعطي شركة – رينو – الحق بإتخاذ القرارات عن شركة نيسان اليابانية التي تعتبر أكبر وأهم من شركة – رينو – عالميا وماليا وإنتاجا .
تملك شركة – نيسان – ٣٤٪ من أسهم شركة سيارات - ميتسوبيشي – اليابانية وهكذا أصبح تجمع الشركات الثلاثة أقوى وأكبر من شركة – فولس فاكس – العملاقة الألمانية . ينتج تجمع الشركات الثلاثة 10.6 مليون سيارة سنويا ما يعادل سيارة واحدة من تسعة سيارات تنتج في العالم.
أنتقل كارلوس غصن إلى اليابان حيث نجح في خفض كلفة إنتاج سيارات نيسان وميتسوبيشي ورفع من قيمة أسهم مجموعة الشركات الثلاث .
مع مرور السنين هناك إستياء من مدراء شركة عريقة في اليابان؛ أول من أنتج سيارات يابانية ماركة – داتسون- تغير اسمها إلى نيسان فيما بعد؛ وبسبب أزمة مالية تصبح تابعة لشركة – رينو – الأصغر منها ؛ وخاضعة لقراراتها وتعيِن كارلوس غصن رئيس مجلس إدارة للمجموعة بكاملها.
تواجه صناعة السيارات أزمة مبيع عالميا ؛ ٦٪ أقل من العام السابق ؛ بالإضافة إلى ظهور الصين كأكبر منتج في العالم -٢٩- مليون سيارة عام ٢٠١٧! بهذا الرقم تصبح الصين في الإنتاج أكبر من تويوتا وفولسفاكن وجينرال موتورز.
دخلت مجموعة الثلاث شركات في إنتاج السيارة الكهربائية وتعتبر سيارتهم الأكثر مبيعا في العالم ؛ مع هذه التطورات يتفاقم الإستياء من السيطرة الكاملة للمهندس كارلوس غصن على مجموعة الشركات ؛ وهذا ما دفع على تلفيق الاتهام واعتقال كارلوس غصن وسجنه بانتظار المحاكمة.
فجأة صدر الاتهام في اليابان بأن – كارلوس غصن – لم يصرح بمدخوله كاملا مع مخالفات في أمانة الإدارة، وتضخيم قيمة الخسائر عام – ٢٠٠٨-
قال المعلقون إن مديرا يحمل أعباء إدارة إنتاج ملايين السيارات في مصانع منتشرة في كافة أرجاء المسكونة لا وقت لديه ليهتم بشؤونه المالية ؛ ويتناسى مدراء – نيسان -اليابانيون كيف رفع كارلوس غصن من شأن تلك الشركات من جهده الشخصي .
كانت أول جلسة في القضاء الياباني في نوفمبر الماضي ؛- كارلوس غصن – يعلم أن القرار سياسي ولم يدافع عن نفسه في هذا الإتجاه ؛ كان دفاعه محصورا في أن الاتهامات غير مبنية على حقائق !!! أدخل قاعة المحكمة بلباس المساجين وشحاطة بلاستيك مكبلا مثل المجرمين .
كان ١١٠٠ مراسلا صحفيا من كافة وكالات الأنباء حاضرين لمشاهدة محاكمة – كارلوس غصن – سُمح لـ ١٧ فقط عن طريق القرعة لأن القاعة تتسع لـ ١٧مراسلا فقط.
بلغ كارلوس غصن الـ ٦٧ عاما ؛ في شهر أيار/ مايو القادم ستكون الجلسة الثانية من محاكمته؛ إنه ما يزال الرئيس الإداري في شركة رينو الفرنسية . إن مستقبله غامض لأنه كان على خلاف مع وزير مالية فرنسا قبل أن ينتخب عام ٢٠١٨ رئيسا للجمهورية الفرنسية الرئيس مانويل ماكرون.
إنها العدالة السياسية ؛ لقد سمعنا ونسمع ونشاهد الكثير من القضايا حيث السلطات والإدارات تستدعي القضاء للحفاظ على المصالح السياسية والاقتصادية والإدارية ويكون الضحايا موظفين يقومون بواجبهم تجاه مرؤوسيهم بإخلاص وتفاني .