بقلم: خالد بنيصغي
هكذا كانت مدينة مكناس في أعين المغاربة وغيرهم من العجم والعرب «فرساي المغرب» جمالا وبهاء وتحضُّراً .. لكن ولسوء حظها تعيش اليوم يتيمة منعزلة تشتكي الإهمال واللامبالاة .. لن نسرد مزيداً من الآمال والآلام التي تختلج صدورنا حزنا على مدينة تموت في صمت دون أي ردة فعل من مسؤوليها ؟؟؟
موضوعنا اليوم سيكون في المجال الرياضي على اعتبار الاعتذار الكارثي الذي أقدم عليه لاعبوا النادي المكناسي وهم محقون فيما أقدموا عليه .. قمة العار أن يغيب رجالات مكناس غياباُ مخزياً ؟؟ ولتذكير من لا يعرف شيئاً عن مكناس نقول له إنها من أغنى المدن المغربية، لديها مداخيل هامة وقارة ، هي منطقة فلاحية غنية بكل المقاييس ، فهناك ضيعات الفواكه والخضر ، وأهمها فاكهة العنب التي تنتج مكناس وحدها ما يقارب ثلاثة أرباع الإنتاج الإجمالي الوطني ، كما أن مكناس تعتبر تراثا عالميا ، وسبق لها أن كانت عاصمة المغرب والمغاربة في عهد السلطان مولاي إسماعيل .. وهي أيضا إلى جانب مدينة طنجة يعتبران المدينتان الوحيدتان في المغرب ضمن 50 مدينة عالمية التي تحظى بمناخ الاستثمار العالمي … والحقيقة أن المجال يضيق لذكر الكثير من مميزات هذه المدينة الجميلة الغنية واليتيمة في نفس الوقت ؟؟؟
إذن الأمور واضحة ، سوء التسيير والتدبير واختلاس أموال وميزانية المدينة إضافة إلى عدم اهتمام المسؤولين بالمجال الرياضي، حيث لا يعتبرونه من أولويات المدينة ، عكس العديد من المدن المغربية الأخرى التي تعتبر الرياضة وخصوصاً كرة القدم الوجه الناصع للتعريف بهذه المدن ، لذلك فهم يبذلون قصارى جهودهم في هذا المجال، وهم يستحقون كل تقدير لأنهم حققوا نجاحات مبهرة وكبيرة جدا ، ويكفي هنا أن نذكر قطبي كرة القدم المغربية « الوداد والرجاء البيضاوييْن» اللذان وصلا إلى العالمية ، ومن الفرق التي كانت صغيرة وأصبحت الآن كبيرة وقوية ودخلت التاريخ من بابه الواسع بفضل مجهودات مسؤولي المدينة ، نذكر « نهضة بركان» التي قدمت من قسم الهواة لتقتحم البطولة الاحترافية ، ثم تخترق بعد ذلك القارة السمراء بكل ثقة وقوة ، بحيث لا يفصلها إلا يومان لتؤكد تأهلها للمرة الأولى في تاريخها إلى المربع الذهبي لكأس الكنفدرالية الإفريقية ( فاز الفريق البركاني على غور ماهيا الكيني بعقر داره بهدفيْن نظيفيْن في انتظار لقاء العودة بمدينة بركان بعد غد الأحد إن شاء الله ) .
مكناس وناديها العريق عرف التحام المكناسيين من كل المشارب سواء داخل المغرب أو خارجه ، واستجابوا لنداء مساعدة فريقهم ماديا ومعنويا إلى أن أتت الأخبار متسابقة وسريعة تبشر بأن الوضع تحت السيطرة وأن ما تبقى من دورات البطولة لهذا الموسم الرياضي سينتهي دون كوارث ، لكن الجمهور المكناسي لا يرضى بهذا الوضع الذي لا يحقق أي نجاح ؟؟؟ بل يطالب إعادة الفريق إلى عهده القوي ورد اعتبار المدينة وتاريخها المجيد رياضيا وثقافيا واجتماعيا….
نسجل أيضا أنه في ظل الأزمة الأخيرة أو ما أطلق عليه ب « العار» في اعتذار الفريق عن اللعب ، كانت هناك تحركات قوية من رئيس الجماعة الحضرية لمدينة مكناس الدكتور « عبد الله بوانو» الذي عقد عدة اجتماعات واتصالات واتخذ بعض القرارات الاستعجالية لإيقاف نزيف « العار» الذي تلطخت به أسوار العاصمة الإسماعيلية التاريخية ، حتى إن الشارع المكناسي لم يعد فيه الحديث إلا عما كان يقوم به رئيس الجماعة الحضرية المعروف
باستقامته وإخلاصه للمدينة ، وكذلك ما لقيه من مؤازرة إعلامية واسعة محلية ووطنية ، ونحن بدورنا نثمن هذه المجهودات لننضم كإعلام دولي إلى هذه المؤازرة المستحقة لرجل تحدث بكل صرامة وشفافية بعيدا عن لغة الخشب التي اعتدناها في جل مسؤولي المدينة ..
نقول للسيد « عبد الله بوانو» إن الإعلام والجمهور المكناسي معكم مسانداً شاكرا لكم مجهوداتكم ، لكن الجميع – وبفقده الثقة في جل المسؤولين – يقلدكم شرف الدفاع عن هذا الفريق لإرجاعه إلى مكانه الطبيعي كبيرا يصارع ويقارع الكبار أمثاله ، كما يقلدكم شرف المدينة كلها في جل المجالات .. نريد نهضة جديدة للمدينة ولن يتأتى ذلك إلا بعملكم بقرب الفريق طيلة الموسم الرياضي، بدءاً بنزعه من الأيادي غير الآمنة التي تقوده الآن ، والتي عليها أن تخجل وتقدم استقالتها قبل أن يطلب منها ذلك ، كما عليها أن تعتذر للساكنة وتاريخ الفريق المكناسي ، ثم ترحل غير مأسوف عليها ودون رجعة ، فنحن قد كرهنا فشلها الذريع لمدة تزيد عن ثماني سنوات ، وإلى أن نصحو على الأخبار السارة في بناء فريق يعود إلى الأضواء بميزانية تليق بسمعة المدينة نستودعكم الله ودمتم بود .