بقلم : خالد بنيصغي
أُغْلِقت الحدود بين الدول ، وفجأة توقف الطيران والبواخر والسيارات والحافلات ، أغلقت المساجد كذلك ، والطواف بمكة المكرمة ، وقد لا يكون الحج ممكناً هذه السنة – لا قدر الله – وشاءت الأقدار أن نعيش “ فيروس كورونا “ بيْن وطنيْن : وطن استوطناه لنعيش فيه ، والوطن الأم ، وطن المسقط والطفولة والشباب .
كندا استطاعت في وقت وجيز أن تجد الحلول للحجر الصحي بالمنازل ، ورصدت ملايين الدولارات ، كما جعلت الولوج سهلا ومَرِناً للحق في الاستفادة من الأجر الشهري ، والمغرب أيضا سارع إلى خطة التكافل الاجتماعي بالتدخل السريع واستطاع أن يجعل المساعدات تصل إلى كل المغاربة الفقراء .
الملاحظ بين الوطنيْن هو أن المواطن الكندي يتبادل الثقة مع الدولة بشكل دائم ومستمر ، قبل أن يحل داء “ كورونا “ بالعالم ، وهو أمر مُسَلَّمٌ به منذ سنين ، أما في المغرب فهناك وجهان لهذا التضامن للدولة مع المواطنين ، فالوجه الأول هو أن العديد من المغاربة من هيئات المجتمع المدني وجمعيات ومؤسسات وغيرها أجمعوا أن ما قامت به الدولة المغربية يعتبر عملا إيجابيا ، وهو الأمر الذي يبشر بتصالح الدولة مع المواطن ، وهو الأمر الذي يرجو الجميع أن يستمر بعد زوال “ فيروس كورونا “ إن شاء الله تعالى ، أما الوجه الثاني فهو الذي يُدْخِل المواطن في دائرة الشك ويحول بينه وبين المساعدة في مد العون بالمساهمة في هذا التكافل الاجتماعي الذي تكفلت به الدولة المغربية من خلال الحساب البنكي مثلا ، والذي وضعته رهن إشارة المواطنين المغاربة داخل المغرب وخارجه ، العديد من المغاربة اختاروا أن تصل مساهماتهم ومساعداتهم مباشرة للفقراء والمحتاجين الذين يعرفونهم حق المعرفة ، أو عن طريق بعض الأهل أو الأصدقاء الذين ينوبون عنهم بهذه المساعدات ، وهذا لا يعني أبدا أن هؤلاء المغاربة لا يثقون في الدولة المغربية، بل بالعكس فإن ما يقوم به المغرب حاليا هو مدعاة للفخر والاعتزاز بهذا الوطن الذي نتمنى أن يسير على هذا النهج دائما وليس فقط في زمن “ كورونا“ فقط ، لكن المشكل هو أن هؤلاء المغاربة لا يثقون في بعض خدام الدولة وموظفيها المشرفين على هذا الصندوق التكافلي ، ويخشوْن أن لا يصل بالشكل المطلوب إلى الفقراء والمحتاجين لسبب من الأسباب غير السليمة ..
كندا نجحت سريعاً في الوصول إلى قلوب المجتمع المدني كله لأنها اعتادت ذلك منذ زمن بعيد ، وأسست للثقة بين الدولة والمواطنين منذ مدة كذلك ، بتطبيق القانون ، والعدل والمساواة بين المواطنين في كل المجالات ، فأنت في كندا لا تحتاج أن تبحث عن حقك كي يصل إليك ، إنه يأتيك وحده دون أن تسأل عنه أو تبحث كيف تصل إليه ، وهذا اعتراف محتوم منا للحكومة الكندية من أجل قول الحق عن مسؤولين يسهرون على تفعيل القوانين بسرعة البرق كي يشعر المواطن في كندا بالأمن والهناء والسعادة والاطمئنان، وكل هذا هدفه أن ترى الدولة مواطنيها في أحسن صورة ، وهم شامخون معتزون بأنفسهم وانتمائهم لوطن يحترم مواطنيه دائما .. في المغرب وبكل صراحة شعرنا بكل هذه الصفات التي ذكرنا في زمن “ كورونا “ فقد تدخلت الدولة بكل التضحيات المتجلية كي تسعد الإنسان المغربي ، واعتبرت صحة المغربي أهم من الاقتصاد المغربي .
إننا نسجل بكل صدق وبكل افتخار هذا العمل الجبار للدولة المغربية لفائدة المغاربة المحتاجين ، وأظهرت أنها قادرة على أن تركب التحديات من أجل مواطنيها ، وأكيد أن الاقتصاد المغربي سيتعافى إن شاء الله تعالى ويكون أفضل من السابق لأن إحسان الدولة لقاطنيها لا يقابله إلا الإحسان بفضل الله تعالى ، مصداقاً لقوله عز وجل “ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان “ ..
المغرب رسم الصورة الحسنة التي تليق به وبتاريخه المجيد ، فلا يجب أن يتراجع إلى الوراء ، بل يجب أن يستمر في تلوين هذه الصورة بأجمل وأزهى ألوان الطيف الرائعة ، والأكيد أن النتائج ستكون مبهرة ولافتة إن شاء تعالى ، فلا يصح إلا الصحيح ، رمضان كريم والله أكرم ، أدخله الله على كل المسلمين في بقاع العالم بالثواب والأجر والمغفرة ..
والله أكرم ، ودمتم بود .