بقلم: كلودين كرمة
اصبح لا فرق عندى بين الفرح و الالم ، بين الراحة والتعب، بين الضحك والبكاء، بين صيحات السعادة او عبارات الحزن ..لانها ان طالت او قصرت فهى مجرد ايام او حتى لحظات ، وان كانت تمثل فترة من الزمن فهى الى زوال و يصبح مكانها فى ملف الذكريات.
ولكننا لا نستطيع ان ننكر ان هذه الذكريات بجملتها تؤثر تأثيرا مباشرا او غير مباشر على مستقبلنا لأنه يحفر فى اذهاننا وفى اعماقنا ويترك اثارا واضحة سواء بالسلب او الايجاب وينعكس هذا بالتأكيد على ردود افعالنا واستيعابنا للمواقف من حولنا وتقدير وتقيم الامور والأشخاص على حد سواء.
وتحديدا فماضينا هو الذى يرسم الخطوط العريضة لمستقبلنا حتى وان استطعنا ان نتحكم فى التفاصيل الدقيقة والتى يمكن ان تعدل فى النتائج الأخيرة كل على حسب اختياره و اسلوب تفكيره وتفاعله مع المعطيات ووفقا لشخصيته والظروف التى تحيط به والظروف المتاحة له.
فإننا لا نستطيع ان نفصل انفسنا وضمائرنا عن حياتنا السابقة… فإننا لا يمكن ان نميت الانسان القديم ونخلق اخر جديد…فكما ان الجرح الغائر يترك اثره عبر السنين كذلك فكذلك كل ما غرس فى الوجدان وما حفر فى الأذهان لا يمكن ان يمحى اثره تماما ..ولكن يمكن ان نداويه او نحاول ان نخفيه او لا نعيره اهتماما..فنتخطى كل ما هو مزعج ونتغافل عما يمكنه ان يعيق التقدم فى مسيرة الحياة.
ولكننا مهما تقدمت بنا الايام نجد انفسنا نروى لأبنائنا او لأصدقائنا تجاربنا فى الحياة على اساس النصح والإرشاد او حتى لتوخى الحذر ولكننا مع اننا نحكى مواقف تعرضنا لها – ربما منذ الصغر- ولكن ننفعل معها مرة اخرى وكأننا نستعيدها بكل ما كانت تحمل لنا من مشاعر الفرحة او الحزن او الالم..
وبعد مرور الايام والسنين ويغزو شعر الرأس المشيب هل ترانا نسعد بما مررنا به او بما وصلنا إليه؟ ام تصحبنا مشاعر الندم والحسرة فى هذا الوقت الحرج الذى لا يمكننا فيه ان نعوض ما فات ولا ان نعدل نتائجه..
فلنجتهد اذا ان نجعل مستقبلنا يضئ كالشمس بصدق نياتنا ومشاعرنا وقوة العزيمة والإصرار والعمل على تحقيق احلامنا منذ الصغر وكأننا نبنى حجر فوق حجر حتى يكتمل البناء ويصبح فى ابهى صوره..وحتى يتحقق ذلك يجب ان نعى اهمية التعليم والاهتمام بتنمية الفكر والثقة في من يتولون امور حياتنا وان نجنح الى الصواب وسلوك الطريق المستقيم – رغم صعوبته – كى لا تعيب حياتنا نقاط ضعف ونصبح مقيدين ومسلوبى الارادة فنستعبد لمن هم دوننا خلقا وثقافة الذين يزينون القبح و يجعلونه ابهى منظرا ويعدون للانفلات طرقا ويمهدون للخطأ سبيلا.
وبما ان حياتنا ترتبط بحياة آخرين نتيجة التفاعل بين افراد المجتمع علينا اذا ان ننتقى رفقاء الطريق الذين يمضون معنا فى دروب الحياة… وان لا نستحى ان نرفض و بشدة التهاون وان نشجب السلوك الخاطئ.. كمان يجب ان نتفاعل مع المجتمع ككل وفى كل الميادين الثقافية والفنية والسياسية ،بما اننا جزء منه وما يحل بالمجتمع سيكون له – وبلا شك- اثرة فى تشكيل مستقبل الفرد.
فالمشاركة الفعالة لها ايجابيتها ليس فقط على مستو ي الفرد والمجتمع ولكن ،على المدى البعيد، فإنها تساهم فى تغير مصير الشعوب وبالتالى بناء الدول والنهوض بحضارتها
فتعم الفائدة على افراد المجتمع ..فنجد انها سلسة مرتبطة حلقاتها بعضها ببعض ارتباطا وثيقا..
فللنجاح سبل كثيرة ولتحقيق الذات وسائل متعددة فبدلا من ان نستسلم وننهى ايامنا تصحبنا فيها الشدائد ، فلنسطر بأيدينا سطور من نور وكلمات من ذهب وكأن ايامنا كالقلم فى يد شاعر مبتكر يصوغ كلاماته فى ارقى معانيها والرسام الموهوب الذى بأدواته يصور اجمل المشاعر ويجعلها تعبر عن ما يجول بخاطره
فمن كلمات الشاعر وصورة الفنان تتجدد الامانى وتبعث فينا الحياة لأنها تعبر عن الانسان وتظهر ماهيته لأنها نابعة من وجدان يتحدى الفشل ويُدعم حب الحياة والإيمان بأهمية و روعة الوجود فى هذه الحياة.