بقلم: هيثم السباعي
بدأت محطة “إم تي ڤي” التيليڤيزيونية اللبنانية بث برنامج أسبوعي عنوانه ‘دق الجرس.’ البرنامج يدعو في كل حلقة أحد السياسيين أو الوزراء ليجيب على أسئلة مجموعة من الطالبات والطلاب المتفوقين، من مختلف المدارس والأديان والطوائف الذين لايتجاوز عددهم ١٠-١٥ طالبة وطالباً ولا يتجاوز عمر أي منهم ١٢-١٣ عاماً. وكان أول ضيف هذه الحلقات دولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري.
لا أنكركم القول بأنني دهشت بالأسئلة التي طرحها الطلاب، بعد أن أكدت السيدة التي تشرف على البرنامج بأن أسئلة الطلاب اليافعين من بنات أفكارهم دون أي تدخلات خارجية منها أو من غيرها.
من الأسئلة التي سألوها ولم تخطر على بال دولة الرئيس نفسه، علاقته بوالده الشهيد دولة رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري وكيفية اغتياله في عام ٢٠٠٥، وعلاقته بشقيقة الأصغر منه الذي فقده ولماذا اختارته العائلة ليكمل رسالة والده السياسية مع وجود شقيق له أكبر منه عمراً. أجاب دولة الرئيس بصدق وعفوية وشفافية تامة تُشهد له.
كل هذه المقدمة هي للوصول إلى السؤال الأهم الذي فوجئت به كما فوجئت بالجواب الذكي والرائع لرئيس مجلس الوزراء، عندما سأله أحد الطلاب ما هو الخلاف بين السنه والشيعة؟؟؟ وقال له الطالب معك دقيقة واحدة للإجابه.
أجاب دولة الرئيس لنر الفرق!!! كتب على اللوح (السبورة) سُنَّه على اليمين وشيعة على اليسار وكتب تحتهما في الوسط بعد أن قال بأن السنه يؤمنون بالشهادتين وكذلك الشيعة، السنه يؤمنون بأركان الإسلام الخمسة وكذلك الشيعة، السنه يؤمنون أن محمداً (ص) رسول الله وكذلك الشيعة، السنة يؤمنون بالقرآن الكريم على أنه كتاب الله تعالى وكذلك الشيعة، السنة يؤمنون بالشريعة الإسلامية وكذلك الشيعة، إذن ليس هناك خلاف، الخلاف الذي نتحدث عنه سياسي بامتياز.
تلك المناظرة كانت حافزاً لي كي أطرح الأسئلة التالية، مع الأخذ بعين الإعتبار تصنيف إبن خلدون للمؤرخين في مقدمته (مؤرخ يتفحص ويدقق ويبحث عن البراهين اللازمة التي تؤكد الواقعه قبل نشرها، ومؤرخ ينقل المعلومة كما تلقفها دون التأكد من صحتها من عدمه وثالث يكتب الواقعة بما يتماشى مع معتقده القبلي أو الطائفي أو السياسي):
١. أليس من الغباء الشديد قتالنا وتقتيل بعضنا البعض من أجل حادثة وقعت قبل ١٥ قرناً من الزمان؟؟؟
٢. هل هناك طرف واحد يذكر تفاصيل الواقعة؟؟؟
٣. هل هناك مؤرخ واحد للحادثة يذكر أسبابها بحيادية تامة فيما إذا كانت دينية أم سياسية؟؟؟
٤. مهما كانت أسبابها، لماذا علينا نحن الذين لاذنب لنا بها أصلاً أن ندفع ثمنها؟؟؟
٥. ماهو دور المؤسسات الدينية في هذا؟؟؟ وأين هي من هذا كله؟؟
قال الفيلسوف الشاعر والأديب والرسام اللبناني الأميريكي الراحل جبران خليل جبران في الربع الأول من القرن العشرين: “ويلٌ لأمةٍ تكثرُ فيها المذاهبُ ويقلُّ فيها الدين.”
وقال الباحث والكاتب والفيلسوف المصري المعاصر، الراحل د. نصر حامد أبوزيد: “الدين أصبح وقوداً لتحريك عجلة السياسة….والمؤسسة الدينيه هي السبب.”
وقال الفيلسوف، أحد رواد النهضة، الراحل مالك بن نبي: “النقد في عالمنا الإسلامي عملة نادرة.”
إنها السياسية التي تدفعها المصالح الإقتصادية والبحث عن مناطق نفوذ. والشعوب المغلوبة على أمرها تدفع الثمن.
وا أسفاه!!