بقلم: كلودين كرمة
نعم انى افتقد المأوى والآمان وأشياء اخرى كثيرة..وكلها مرادفات لكلمة منزل…
المنزل يعنى الراحة من العناء والهدوء الذى نطوق اليه بعد الكثير من الصخب والاطمئنان حيث يتلاشى الحذر والشعور بالدفء الناتج عن صدق المشاعر..والاستمتاع بصحبة اقرب الاحباء الذين يتميزون عن غيرهم من الاقارب والمعارف فهم نفس العائلة يحملون نفس اللقب يسري بعروقهم نفس الحب والمشاعر فالاهتمام واحد والمصلحة لا تتجزأ والهدف واحد هو تحقيق الافضل للجميع فينعم الكل بحياة مليئة بالنجاحات بعد ان نجحوا سويا ان يواجهوا التحديات ويتحدوا المصاعب وقد اخذوا على نفوسهم عهدا ان لا يكفوا عن تقديم المساعدة عن طيب خاطر وان يتحلوا دائما بالابتسامة التى تدل على الثقة فى صدق المشاعر والنية و تبعث الامل وهى عنوان للإصرار على الثبات والمضى قدما فى طريق الحياة والمشاركة فى تحويل مرها الى شهد بالمساندة والتدبير الحسن.
نعم اشتاق الى بيت ترن فيه الضحكات الجميلة ويتزين بالفرح وتكون فيه النفس سعيدة والبال صافى والنظرات تتلألأ والوجه مضئ والروح هادئة ..لا مكان فيه للصراعات والمشاحنات او الغضب والخصام.
بيت يتزين بجمال الاشخاص الذى يتحلى بأرقى المشاعر واصدق الوعود و وأطيب الكلمات التى تؤثر بالإيجاب فى حياة المحيطين بنا فيكون هذا المنزل المبنى على هذه الاسس هو بمثابة نبراس يشع ضياؤه فيجذب اليه كل من يتوق الى مثل هذه الحياة الآمنة المستقرة.
ان ما نراه من حولنا من تقلبات يؤثر علينا بطريق مباشر او غير مباشر وبالتالى يفرض نفسه بقوة فيؤثر على سلوكيتنا بشكل عام ، فيمكن ان نقيم الامور بطرق مختلفة او نتوجس خيفة ممن حولنا .. لالا يتغيروا فيشبهون الآخرين فنظن السوء بهم بمجرد تكرار كلمة او تغير رأى وبالتالى يتسرب الشك الى نفوسنا وتقل الثقة ونأخذ فى التمحيص ونبالغ فى ردود الافعال مما يثير القلق ايضا فى من يحيطون بنا اذ انهم لا يدركون اسباب التغير المفاجئ وهذا كفيل ان يخلخل الاساس ويبعد عنا “ الثقة العمياء “ ويجعلنا ندقق فى كل حرف ننطق به وكل اسلوب نتخذه ..و من هنا تكون بداية انهيار الثقة والأمان اذ انه مع بداية التدقيق تبدأ المشاكل ومع كثرة التمحيص تتضارب الافكار فيدخل الشك من اوسع الابواب .. ويا لها من حياة بائسة عندما يشك المرء فى من هم اقرب الاقربين اليه . .وهذا كله بسبب عدم الوضوح والشفافية او بسبب ضعف ثقتنا وخوفنا من أن يصيبنا ما قد اصاب غيرنا من احزان او خيانة …الى آخره…
فإذا كان لنا احباب فالنحرص ألا نفقدهم و ان كان لنا اصدقاء اوفياء فلنجتهد ألا نضحى بهم ، فعلاقة المحبة والارتباط الوثيق تستحق التضحية والعمل الدءوب للحفاظ علبها فهى لا تقل اهمية عن الحياة العملية اذا هى جوهر الحياة ومنها تنبعث كل القيم والأخلاق والمبادئ التى تبنى الشخصية السوية التى تؤثر بقوة على نطاق واسع فى كل المجالات.
فالبيت المؤسس على الصخر يصعب انهياره امام العواصف ..نعم فممكن ان يتعرض للكثير من المصاعب ولكن بالحكمة والمساندة من الاوفياء يتخطها ويكمل مسيرته على نفس المنوال دون الاضطرار الى تحويل المسار او الانحراف عن الهدف المنشود..اما البيت الهش فانه ينقلب على ذاته فيخرب وذلك لعدم المقدرة على الثبات وتصحيح الامور ويتبع منهج ان “الغاية تبرر الوسيلة “ وهذا منهج الضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة فيلجئون الى التلاعب بالألفاظ وخداع الناس حتى يحققوا غايتهم ثم بعد ذلك يبتسمون ويسخرون ممن وثق بهم بل و اكثر من ذلك يعتبرون انفسهم “أذكياء” عجبا..عجبا ممن يسببون التعاسة للآخرين حتى يشعروا هم بالسعادة فيبنون نجاحاتهم وبيوتهم على حطام الاخرين .
فيا ليتنا ننتبه عند تأسيس بيوتنا الى حجر الزاوية الذى عليه تبنى البيوت حتى تظل ثابتة نظيفة متعالية ومترفعة وعلى اشكالها يكون اصحابها…ففى هذه المساكن تسكن انفسنا فى سلام وفرح وتهتدى افكارنا الى كل ما هو بناء وسوي، وتصدق النية وتصفى العقول فتتمنى الخير للغير كما لنفسها وتعلو الكرامه الجباه فتدل على الاصول الكريمة، وتعلن الابتسامة الرائعة عن ما بداخل القلب من فرحة حين يراها الآخرون وتستقر الفرحة ايضا والسكينة فى قلوبهم رغم احزانهم ومتاعبهم …فنكون “نور للعالم “ بإتباع الطريق الصحيح و الاعمال المجيدة والنجاحات المستمرة و السعى فى طلب السلام ..فهذه هى وصايا الهنا فهو بالحقيقة محب لخلقه دون تمييز ويوصينا بهذا حتى ننعم بنعمه الكثير ونحفظ أنفسنا من السقوط فى الظلام.