بقلم: هيثم السباعي
أرجو أن أكون على خطأ تام فيما سأقول وأستنتج. ولكن الحقيقة تتأتى في كثير من الأحيان من مايجري الأرض وتكون مؤلمة ولكن يجب الإعتراف بها، لكي تقودنا إلى الطريق الصحيحة لحلها. كالعادة، فيما يلي رأيي الشخصي الذي أرجو قبل أي شيء أن يكون خاطئاً.
يُجمع المراقبون والمحللون السياسيون وكل مهتم بالشأن السوري أن سورية لن تعود أبداً إلى ما كانت عليه قبل آذار (مارس) ٢٠١١. يُقصد بهذا أن سورية الموحدة لن يكون لها وجود بعد الآن.
كنت دائماً معادٍ بل معادٍ جداً لنظرية المؤامرة باعتبارها المشجب الذي نعلق عليه خيباتنا وسوء تقديرنا لمجريات الأمور التي تدور حولنا. قد تكون الأحداث والمراحل التي مر بها الحراك الثوري الذي بدأ مع بداية ماسُمي بالربيع العربي وإنحرافه -الحراك- عن مساره الذي قام من أجله عندما إنتقل، بكل أسف من الحراك السلمي إلى الحراك المسلح (أول مسمار في نعش الثورة) وتلى ذلك إرتهان المعارضة الخارجية لدول إقليمية ودولية (مسامير أخرى في النعش) وسرقة الثورة من قبل إسلامويين في عام ٢٠١٢ (بداية النهاية) بعد أن تم إطلاق سراحهم من السجون السورية والعراقية وتمكنهم من السيطرة تدريجياً على أرض المعارك وبعدها على قرارات المعارضة من أهم أسباب فشل الحراك إضافة إلى أسباب أخرى سنأتي على ذكرها لاحقاً.
لن أتطرق إلى تعامل النظام المؤسف مع الحراك الذي أوصل البلاد إلى ماوصلت إليه، بأكثر من جملة واحدة لا لسبب آخر سوى أنه لم يعد هناك فائدة من الكلام. لو إستوعب النظام الحراك في بدايته لجنب البلاد كل الويلات التي تعرضت لها ولكن صقوره، يقال بدعم من إيران، إختاروا، ولايزالون الحل العسكري، علماً بأن الحل السياسي كان قاب قوسين أو أدنى بكلفة لاتذكر.
أعود إلى لُب الموضوع الذي أكتب عنه. عندما بدأت المظاهرات سنة ٢٠١١ تعم المدن السورية كافة بعد صلاة كل جمعه، قام السفيران الأمريكي إلى دمشق روبرت فورد برفقة زميله السفير الفرنسي بزيارة إلى حماه وإختلطا بالمتظاهرين وطمأنوهم بأن أمريكا وفرنسا معهم. بعدها أصدر الرئيس الأمريكي تهديده الشهير بأن إستخدام الغازات السامة في الحرب السورية خطاً أحمر، ثم لحس تهديده مقابل تسليم الأسلحة الكيميائية السورية وتدمير مصانعها بوساطة روسية وبإشراف الوكالة الدولية لمنع إنتشار الأسلحة الكيميائية.
في منتصف عام ٢٠١٤ هبط من السماء فجأة وبقدرة قادر خليفة جديد للمسلمين في العراق والشام (سمي التنظيم فيما بعد بداعش، إختصاراً للدولة الإسلاميه في العراق والشام، وسنستخدم نفس التسمية هنا) يدعى أبو بكر البغدادي برفقة ثلاثين ألف سيارة دفع رباعي أغلبها من صناعة تويوتا مع عدة آلاف من المريدين وعدد لايحصى من مدافع الدوشكا. قيل على ذمة الرواة أن ٩٠٠٠ سياره من هذه الإرسالية وصلت إلى العراق بإسم السيد نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق ونائب رئيس الجمهورية حالياً. نبأّ آخر مر مرور الكرام ولم يُنشر على نطاق واسع يقول إن داعش هو نتاج مشروع مشترك من تأليف وتصميم وتنفيذ أجهزة الاستخبارات البريطاني والأمريكي والإسرائيلي يحمل الإسم الحركي “عِش الدبابير.”
من المعروف أن تنظيم داعش الإرهابي وُلِد من رحم تنظيم القاعدة وحددت مهامه السرية من قبل الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية (سي آي إي وإم ٦ والموساد) التي ذكرناها قبل قليل. لا أحد يعلم بالتحديد ماهي المهام التي أنيطت به سوى من خلال قراءة الأحداث والممارسات الإجرامية التي قام بها التنظيم.
تجدر الإشارة هنا قبل إستئناف حديثنا إلى أن قطع الرؤوس تم استيراده من أفغانستان الذي مارسته القاعدة في ثمانينيات القرن الماضي ضد الغزاة السوڤييت بتدريب من فريق خاص من وكالة المخابرات المركزية حضر خصيصاً من الولايات المتحدة. الهدف الأساسي من هذا النوع من الوحشية هو دب الرعب في قلوب الجنود السوڤييت والذي تبناه تنظيم داعش الإرهابي لدب الرعب في قلب كل من يخالفه أو يخرج عن طوعه.
وللحديث بقية.