بقلم: سليم خليل
كنت أطالع كتاب الشاعر والأديب اللبناني هنري زغيب عن عمالقة الفن والغناء الأخوان رحباني وفيروز وكانت المفاجأة أن السيدة فيروز ؛ التي لم تغني في القصور ولا للملوك والرؤساء ؛ غنًت للشاعر ناظم حكمت عندما استضافه السيدان عاصي ومنصور الرحباني في منزلهما وغنًت له فيروز . .
بعد تلك الزيارة تحدثت الصحافة عن المفاجأة !!! من هي تلك الشخصية العالمية التي غنت لها فيروز ؟
ولد ناظم حكمت عام -١٩٠٢- في مدينة تسالونيكي المرفأ في مقدونيا اليونانية المقاطعة في ألإمبراطورية العثمانية .
والده من أصل بولوني ووالدته من سلالة العائلة المالكة الألمانية. غادر جده بولونيا بعد ثورة دامية في منتصف القرن التاسع عشر جنوبا إلى المنطقة الأوروبية التركية ولمعرفته اللغات الأجنبية عين في الخارجية التركية واقترن بأبنة والي حلب – سوريا أنور باشا المنحدر من أسرة تنتسب إلى ملوك ألمانيا .
بعد إنهيار الإمبراطورية العثمانية شارك ناظم حكمت في حركة أتاتورك لكنه عارض النظام الجديد واعتقلته السلطة الجديدة وتنقل في عدة سجون ؛ ولما أفرج عنه فرً إلى الإتحاد السوفييتي عام ١٩٥٠ وأتهم بالشيوعية وألغيت جنسيته التركية وبقي محروما من الجنسية طيلة حياته متنقلا في الدول الاشتراكية.
قصته مع الأخوان رحباني والسيدة فيروز حدثت عندما تمكن من القيام برحلة بحرية على متن سفينة – إسبيريا- في البحر المتوسط ولم تستقبله أية دولة لميوله الاشتراكية بما فيها مصر الناصرية الميالة في ذلك الوقت للإتحاد السوفييتي، في شهر نيسان / أبريل ١٩٦٠- كانت السفينة سترسو في مرفأ بيروت وعلم بعض الأدباء بزيارة الشاعر الشهير وبعد أن فشلوا في الحصول على إذن زيارة لناظم حكمت فكروا بأن الشاعر الشهير سعيد عقل يستطيع تجاوز هذه الصعوبة . بالرغم من تناقض المبادئ مع سعيد عقل زاره وفد الأدباء وأخبروه عن الشاعر العالمي المحروم الجنسيات والمنفي وأنه في سفينة قادمة إلى بيروت وأنهم فشلوا في الحصول على إذن دخوله لبنان لأن جهاز الأمن اللبناني لا يعجبه انتماء ناظم حكمت السياسي .
تحمس سعيد عقل للأمر مع أنه بعيد عن الاشتراكية وصمم أن لبنان الحر يجب أن يستقبل هذا الشاعر العالمي المحروم. أصطحب سعيد عقل الأدباء اللبنانيين وزار مدير جمارك مرفأ بيروت المعروف بعنفوان شخصيته وشرحوا له الوضع وطلبوا منه – تجاوزا لإدارة الأمن – أن يأخذ على عاتقه السماح لحكمت بإقامة ثلاثة أيام في بيروت!! وهكذا كان !
رافق الشاعر حكمت عدد من أدباء لبنان وفورا توجهوا جميعا إلى القصر الجمهوري حيث استقبله الرئيس الجنرال فؤاد شهاب ثم زاروا الأماكن السياحية ودعاه الأخوان رحباني إلى سهرة في منزلهما وغنت له فيروز التي رفض زوجها عاصي الرحباني ان تغني في القصور للملوك والرؤساء .
أقيمت ندوة أدبية شعرية شارك فيها عدد من المفكرين المتناقضين في المبادئ وكتب الكاتب سمير عطا الله عن الندوة: تذكرنا الندوة كيف كان يحاضر عندنا الحبيب بو رقيبة وأرنولد تونيبي وليوبولد سينغور وناظم حكمت ، وكيف كانت الأفكار تتضارب في بلدانها وتلتقي عندنا .
سنتحدث في العدد القادم عن أدب الشاعر حكمت .