لا شك أن للكتابة الإبداعيّة الواعية تطرح مشاكل مجتمعها وتترك للقارئ أن يفكر في حلول في مواجهة كل أنواع العنف على اختلاف مشاربه ودرجاته ليساهموا معًا في تغيير هذا الواقع الكارثي لأن الكتابة فعل نشط يستجيب له المتلقّي إذا خاطب عقله واحترم إنسانيته، والكتابة أفضل راصد ومُصّدر لثقافتنا وأدبنا وعلومنا وحضارتنا وتراثنا وقيمنا خاصة بعد أن أصبحت المرأة العربية تساهم بشكل أكبر وأوسع في نشر إبداعاتها الأدبيّة بعدما أبحرت في شتى أنواع المعرفة التي تركز على الإنسان والجنس وتساهم كتاباتها ودورها كأم أيضًا في تنقية أدمغة الأجيال الشابة التي تم غسل بعض أدمغتها بمعتقدات ألبسوها ثوب الإسلام، ومارسوا باسمه جرائم قتل الأبرياء وتهجير من بقي منهم أحياء لمصير أسود، وساهموا في بيع الفتيات القصر واغتصابهن بعد أن أصبح الهم الأول هو إنقاذ الذات وإستجداء لقمة العيش وخيمة لاجئ.. هذا الجنون الشيطاني مارس ولا يزال يمارس القتل المجنون ويدمر الإنسان وبنيته التحتية وتراث الأجداد وعمرانهم المستدام منذ آلاف السنين في عدة بلدان عربية.
الكتابة هي خلاصنا وأداتنا الوحيدة لإنقاذ ما تبقى فينا من قيم وإشعال وتوقد عقول وقلوب شبابنا العربي الضال بالعودة إلى إنسانيته التي دمرتها معتقدات جهنمية كارثية باسم الإسلام الذي يلتحفوا به وهو بريء منها. الكتابة عمل إنساني بحت يعيد لإنسانيتنا كيانها واحترامها ونبذ ما علق بها من شوائب واستعادة قيمنا نبراس حياة كل إنسان. الكتابة نور المعرفة ونهضة الوعي وشحذ العقول الغافية وإعادة الثقة بالنفس التي هي أساس القوة وداعمًا للإرادة الصلبة وشاحذًا للتخلص من الكوارث المدسوسة على مجتمعاتنا العربية.
الإنسان هو أساس بناء المجتمعات الحاضنة للوعي والنضج الذي تنتجه الكتابة الذكية النيرة وتؤدي إلى الخلاص من الكوارث التي داهمتنا، هذا إذا أردنا ووحدنا موقفنا ككتّاب بعامة والمرأة بخاصة للخلاص منها. لأن المرأة تتحمل عادة مسؤوليات مجتمعها والكتابة فقط لا تكفي وحدها لخلاصها وخلاص مجتمعها من بؤر الفساد والظلم والقهر والتنكيل الذي تتعرض له المرأة الضحية وكبش الفداء لكوارث الوطن ومجتمعاته.
إن أهم دور للمرأة هو تهيئتها معرفيًا وثقافيًا كأم لتربية جيلٍ واعٍ لقيم الإنسانية وحقوق الإنسان وحرية التفكير والرأي، وأهمية مساواة المرأة بأخيها الذكر يجب أن تنمو رويدًا وسويًا معه في البيت حيث لا تفرقة بينه وبين أخته، لهما نفس الحقوق وعليهما نفس الواجبات، خاصة وكلنا يعرف أنه لا فرق من الناحية العلمية بين أدمغة الرجال والنساء والفرق الوحيد هو أن المرأة هي التي تحمل وتعاني شهور الحمل التسعة وآلام الولادة وينسب المولود لأبيه.
دور الكتابة هو تصحيح أخطاء سياسات تحجيم دور المرأة، وعلى المرأة نفسها أن تحصن نفسها وتعي وتتحمل مسؤولية تصحيح هذا الخطأ الشائع وخطورة القوانين التي سُنت من قبل رجال الدين في تفسيراتهم وتشريعاتهم وقوانينهم التي حجمت دور المرأة في الحقوق المشروعة لها ووضعت الحد لكل من حاول/حاولت تصحيح وضعها الإنساني وحقوقها المشروعة.
الكتابة أملنا الوحيد في التنفيس عن كبت مجتمعاتنا وترشيدها، وأشعر بالفخر لما تنتجه المرأة والرجل معًا من كتابة جادة على جميع الصعد، والمتتبع لإنتاج وإبداعات وكتابات المرأة المثيرة للجدل في الفترة الأخيرة من القرن الماضي حتى الآن، خاصة بما يتعلق بالظلم والقهر حول واقعها الكارثي الذي انفجر وأعلن عن ذاته بقوة منذ خطر الربيع العربي الذي تحول من ربيع الديمقراطية والحريّة والعدالة الإجتماعيّة الذي هب له الشباب المثقف (المرأة والرجل) على حد سواء إلى مستقبل أسود ومارد جبار يقتل بالسيف وبكل أنواع أسلحة الدمار الحياة والبشر والزرع والأرض. وعدّ نكبة سوداء ضربت الأمة العربية بعامة والمرأة بخاصة.