بقلم: يوسف زمكحل
كان الشاعر الكبير الراحل أبو القاسم الشابي على صواب حين قال كلماته الخالدة : إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ، ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر .
وهذه الكلمات الدرر تنطبق على الشعب المصري عندما خرج يوم 30 يونيو 2013 يعلن رفضه لنظام الإخوان الذي أراد أن يقمع الشعب الشعب المصري بعد أن أصدر رئيسه الإخواني محمد مرسي إعلان دستوري يجعل منه ديكتاتور لا شريك له في حكم مصر يبيع ويشتري فيها كما يحلو له لينفذ أطماع وأهداف حلفائه في المنطقة لتقسيم مصر ونشر الفوضى في ربوعها كما هو الحال في سوريا والعراق وليبيا واليمن ولكن إرادة المصريين ومعه الجيش الذي إنحاز للشعب كانا لهما كلمة الفصل التي غيرت وجه التاريخ وأعادت الخريطة القديمة لمصر بعد أن رسموا لها أعدائها خريطة بشكل آخر تتفق مع أهدافهم .
وقابلت أمريكا والغرب ثورة 30 يونيو والإطاحة بالرئيس محمد مرسي بالرفض وسموه في ذلك الوقت بالإنقلاب ورفضوا الإستماع لكل من يشرح ويفسر ويقول أنها ليست إنقلاباً ولكنها ثورة شعبية ضد رئيس لمصر ظاهرياً ولكنه في حقيقة الأمر رئيساً يعمل لحساب مرشده العجوز محمد بديع وأهله وعشيرته جماعة الإخوان المسلمين . حاولت مصر بعلو صوتها أن تشرح للعالم حقيقة الأمر ولكن لأن الشعب المصري والجبش بقيادة السيسي أفسدا هذه المخطط مما جعل العالم يغمض عينيه ويضع كلتا يديه على أذنيه متجاهلا بل ورافضاً الحقيقة وكأنها سماً لا يريد أن يشربه . ولكن مصر لم تعط للأمر أهمية ووضعت لنفسها خارطة طريق من أجل إقرار الديمقراطية التي قامت من أجلها ثورة 30 يونيو فتم تعيين رئيس المحكمة الدستوريا العليا رئيساً للبلاد على أن يتم فيما بعد كتابة دستور جديد ثم إجراء إنتخابات رئاسية حرة ونزيهة على أن يتم في النهاية إنتخابات برلمانية وهي الوحيدة التي لم تكتمل بعد أن صدر حكم للمحكمة بتأجيل الإنتخابات حتى يتم تعديل بعض مواد قانون الإنتخابات . وبدأت مصر بعد ذلك معركتها الدبلوماسية من ناحية ومعركة البناء الداخلي من ناحية أخرى ولا يجب أن ننسى معركتها الكبرى وهي القضاء على الإرهاب . وأستطاعت مصر بعد شهور من إنتخاب الرئيس السيسي أن تحقق عدة أنتصارات منها مشروع قناة السويس الذي سيعم على مصر بالفائدة الكبرى ثم نجاح مصر المبهر في عقدها للمؤتمر الإقتصادي في شرم الشيخ ثم نجاحها في مؤتمر القمة العربي التي أستضافته مصر في نهاية مارس الماضي وأهم أنتصارين حققتهما مصر نتيجة لسياستها المتزنة العاقلة ونتيجة رؤية رئيسها الثاقبة ونتيجة إرادة شعبها الحاسمة هو أن يعلن الرئيس الأمريكي أوباما عن عودة المساعدات العسكرية لمصر والتي كانت قد توقفت منذ فترة والتي تفوق المليار دولار وثانياً إنقلاب الإخوان على قطر عند حضور أميرها تميم لمؤتمر القمة وهي التي كانت تصف دائما الرئيس السيسي والجيش المصري بالإنقلابيين فإذ بالرئيس السيسي يقبل أميرها ويوجه بذلك ضربة للإخوان تحت الحزام .
والرابح الأكبر أولاً وأخيراً هو شعب مصر الذي غلب بإرادته قوى الشر وحولت الجزء الأكبر منهم لمؤيد وداعم بل وراضخاً لإرادته .