بقلم: جمال قلته
حديث من القلب .. دعوة صادقة من الأعماق إلى كل من ينتمي إلى أقباط مصر بغض النظر عن النزعات والفلسفات الطائفية .. إلى كل من تمتد جذوره إلى التراث القبطي العميق .. إلى كل من ينتمي بدمائه وأصوله الوراثية إلى الشعب القبطي العظيم .. إلى كل من أرتبط تاريخ أبائه وأجداده بأرض مصر الطيبة على ضفاف وادي النيل العظيم وفوق سهول الدلتا الخصيبة أو مدن مصر الساحلية الممتدة شمالاً وشرقاً فوق صحراء مصر ورمالها الدافئة . أنني كأحد أبناء الأقباط أتساءل بكل صدق وأمانة وأوجه نداءًا إلى كل قبطي في كل مكان بلا خوف أو تردد .. أين نحن الآن يا شعب الأقباط يا أبناء وادي النيل ؟ .. إلى متى سنظل في غفلة وفي يأس وتخاذل .. يا شعب الشهداء والأبرار ؟ .. إلى متى نظل مستسلمين في انتظار معجزة من المعجزات .. وبالرغم من أنني أشد الناس إيماناً بالله له المجد وبالمعجزات ولكنني أؤمن أيضاً بأن الشعب الواثق والمؤمن بقضاياه يستطيع أن يفعل المعجزات .. ولدينا أمثله ونماذج كثيرة من الأقليات والشعوب في العالم التي تشردت واضطهدت وعانت ولكنها بالإرادة والعزيمة صنعت المعجزات وحققت المستحيل .. أننا نحتاج إلى صحوة ونهضة .. إلى يقظة تحتاج إلى شجاعة .. فلنترك الأنانية والسلبية جانباً ونفكر معاً : أين تاريخنا القبطي العريق الذي يمتد عبر آلاف السنين يا سلالة الفراعنة يا ابناء وادي النيل .. يا أبناء مصر الطيبة العظيمة .. أين تراثنا القبطي .. أدبنا القبطي الملئ بالعبر والأمثال والأدب والفلسفة .. قصص ثبات الإيمان .. قصص الاستشهاد والتضحيات أمام أحلك الظروف .. أين الفن القبطي الأصيل الذي يتميز بالدقة والبراعة في التعبير وكان امتدادا طبيعياً لفنون جذورنا الفرعونية التي أدهشت العالم شرقاً وغرباً .. أين فكر الأقباط علومهم وقدراتهم ومهاراتهم التي كانت مضرب الأمثال في الطب والهندسة والرياضيات .. أنني أتساءل ولنبدأ معاً الحوار : أين نحن الآن أيها الأخوة والأخوات الأقباط ؟ لقد أختفى التراث .. وضاع التاريخ .. وتوارت كل هذه الأمجاد تحت الأنقاض .. الأمم والشعوب تخلد تاريخها وتحافظ على أمجادها وتنهض بقوميتها ومقوماتها .. ونحن شعب وادي النيل ذو التاريخ والأمجاد.. صاحب أقدم الحضارات التي شيدت على أرضها الطيبة .. فنحن نمتلك التاريخ والأمجاد منذ آلاف السنين .. بمقوماتها فلم تستطع .. كل تيارات الهمجية والخراب أن تزعزع من ثباتها ورسوخها .. من أجل العائلات القبطية والأسر الذين يقطنون القرى والمدن.. ينتشرون في النجوع والكفور على امتداد مصر وفوق أرضها الطيبة .. يتعايشون في صبر وإيمان ويعملون بالجهد والعرق من أجل لقمة العيش .. هؤلاء الأقباط الذين عرفوا منذ أقدم العصور بعمق الإيمان.. عرفوا بالوداعة والتسامح مع كل المذاهب والأديان وتمسكوا دائماً بالسلام والوحدة الوطنية حباً لمصر ولأرضها المقدسة. أنهم يتعرضون الآن ومنذ زمن طويل لظروف قاسية ومعاناة ولا يملكون سوى الأمل والإيمان .. وليس لهم سلاح سوى الصلاة والدعوات .. دعوة إلى كل قبطي خارج أرض مصر من المهاجرين أو المغتربين والمقيمين في الأقطار الغربية والأجنبية ألا يبخل أحدهم بالتضامن والتآزر من أجل أطفالنا الأقباط .. ومن أجل بناتنا الأقباط ومن أجل أمهاتنا وآبائنا .. أنهم يحتاجون لكافة مجهوداتنا .. ولا أقصد أبداً المساعدات المادية والتضحيات النقدية وإنما المقصود هو المشاركة الوجدانية.. التضامن المعنوي.. إبراز مشاكل الأقباط وقضاياهم على المستوى الدولي والعالمي .. ولذلك أننا نحتاج إلى كل رأي وكل فكر .. وأنني أطالب كل قبطي وضعته الأقدار في مركز قيادي أو إعلامي لتعضيد الجهود وتأكيد الحقوق .. فهذا عمل خيري مجيد ورسالة إنسانية إظهاراً للحق والعدل وتثبيتاً لدعائم المحبة والسلام. فالأمور تتطلب بأن نتحرك وأن نبدأ من الآن باللقاء الجاد بأي صورة وبأي نظام في شكل لقاءات.. ندوات .. بأي عدد من الأفراد وفي أي مكان لتكون الخطوة الأولى على الطريق بإيمان راسخ وعزيمه ثابتة .. لنبدأ الحوار والدراسة والتفكير لإحياء تراثنا وتاريخنا القبطي وللعمل على إبراز الشخصية القبطية ومن هنا تبدأ المسيرة.. وأنني واثق وكلي إيمان بقدرات ومقدمات الشخصية للإنسان القبطي .. فقط الأمور تحتاج إلى صحوة .. يقظة إلى إرادة وعزيمة .. إلى تفكير وإحساس بواقع الأمور .