بقلم: كلودين كرمة
عنوان لفت نظرى”جمعية الحق فى الحياة”..فهى جمعية مخصصة لرعاية ذوى الاحتياجات الخاصة..وهو من وجهة نظرى عنوان مكون من ثلاث كلمات إنما يعبر عن مبادئ و أهداف هذه الجمعية..
ولكن فى أيامنا هذه كل شخص يتفوه بصوت خافت ونبرة حزينة ونظرة يائسة واعين دامية ويسأل ويسأل ويريد إجابة تمنحه الثقة والدعم والحق فى مطلبه إلا وهو “ أليس من حقى أن اعيش”.
ولكن يا ترى ماذا يقصد بهذا التساؤل..فهو بالطبع يعيش لأن الله منحه نسمة الحياة..ولكن ماذا بعد..ماذا فى انتظاره فى هذه الحياة التى قسمت له ؟ كل ما خلقه الله هو حسن ، كل الخليقة التى وهبها الله هدفها أن تكون فى خدمة هذا المخلوق المميز وميسرة لراحته.
ولكن ماذا قدم الإنسان فى المقابل.. وما دوره فى الحفاظ على هذا الجمال وهذه الهبات التى وهبها الله له دون جهد منه أو عناء.؟
ان دور كل إنسان أن يحافظ على ما ائتمنه عليه الخالق من صحة ومال وجمال ، نعم جمال الروح ورجاحة العقل وصفاء النفس وان يستجيب لنداء الآخر ويشد من أزره ويقدم له كل ما يستطيع حتى ينعم هو الآخر بحياة كريمه ؛ فليس من دورنا أن نحاكم بعضنا البعض ولا أن ندين أحدا أو نلوم من ليس لنا دراية بأحوالهم أو دوافعهم .. بل ما علينا هو المساهمة فى تخفيف العناء و إزاحة الغم و ازالة دموع الحزن والالم وأثار الشقاء وابتلاء الزمن عن من أقل منا حظا. واوفر تعاسة وأكثر ضعفا وأقل إمكانيات وقدرات.
ومن العجب أن مقولة الحق فى الحياة لم تصبح امل فئة معينة تنقلها بعض الاحتياجات .، ولكن أصبحت شهوة قلب الصغير قبل الكبير والقوى قبل الضعيف ..عجبا لقد تساوى الجميع فى المعاناة والنتيجة أنه لم يعد فى استطاعة احد أن يقدم المشورة أو يمد يده المساعدة
بسبب الشعور بالإحباط و اليأس و انعدام الثقة فى من يحيطون به
وذلك لأن كل إنسان مشغول بحاله وتأمين مستقبله ولو على حساب الآخرين.
للأسف الشديد لقد تلاشت روح التضحية والمحبة وإنكار الذات و ذهبت معها المشاعر الدافئة والاحساس المرهف والتفكير السوي والرقى فى التعامل . لقد تبدلت النظرات والكلمات والتعبيرات وأصبحت تعبر عن مكنون الشخصيات التى تبدلت هى الأخري بدافع مواكبة هذا العصر.
فمن هو الجانى ؟ من هو اللص؟ الذى سرق أيامنا الجميلة فخنق أنفاسنا و أضاع حقنا فى الحياة وكبلنا بقيود لا نستطيع أن نفلت منها ، فأصبحنا كالدمى لا دور لنا فى الحياة إلا ان نساير الظروف ولا نسعى لتغييرها وأصبحنا عبيداً لا اسياداً لهذه الأرض..نعم أصبحنا عبيداً للقوانين والأنظمة العتيقة التى لم تعد تتماشى و متطلبات هذا العصر…والآراء والعقول التى رفضت الاعتراف بالتغيير والتقدم هى للأسف من يعتلى المناصب العليا وبيدها السلطة وهى التى تزيد من العراقيل أمام من يسعى للتغيير.
فيالها من قسوة أن ننادى بحقنا فى الحياة ونحن أحياء!!!
ولا نستطيع أن نكف عن الكلام فى هذا السياق دون أن نناقش مشكلة من يسمونهم بالإقليات.. ومن هذا المنطلق تضيع حقوقهم لأنهم أقلية وبالتالى إذا تعرضوا للأذى فهذا لن يهز كيان المجتمع.. فنبتسم ونقول نحن بخير..
فهذا افتراء وكذب ..نعم نحن نتجاهل المشاعر الحزينة ونرفض الاعتراف بفشلنا فى توفير الحياة الكريمة..فأين هى المواصلات المعدة لذوى الإعاقة..أين هى الطرقات التى ترعى ظروف من لديهم مشكلة فى سهوله التنقل. وأين هى المدارس اللائقة بهم ودور العناية أين الرعاية الطبية والتى بالفعل يفتقدونها. افليس لهم الحق فى الحياة ..أقصد الحياة السعيدة المبهجة التى تستطيع ان تخفف مرارة الألم عن نفوسهم..الآلاف يعانون ويقضون حياتهم فى فقر وبؤس ومرض وجهل…
فأين هو ضميرك يا انسان وأين اختفت مشاعرك وإلى أين ذهبت أمانتك..فكيف لك أن تواجه نفسك بل وتقتنع انك انسان خير ومحب وليس مثلك على هذه الأرض..تمشى مختالا وبجانبك من يزحف مطاطيأ الرأس…
فهل يجوز أن ينتشر الشحاذين والمحتاجين على جانبي الطرق ولا أحد من المسؤلين يهتم لحالهم و يتخذ اى إجراء لحمايتهم…فهل من المعقول أن يفترشون الأرض مع الحيوانات الضالة وبجنابهم متسع للقذورات والبعوض والذباب ياله من منظر بائس ومتخلف ومؤذى يسير الشفقة عليهم والاشمئزاز ممن بيدهم النفوذ وفى سلطتهم إنهاء هذه الكارثة..فهل من الصعب إزالة القاذورات او إيجاد فرص عمل و إقامة المشروعات واستغلال هذه القوة العاملة فى الأعمال الحرفية فتشعر بأهميتها ونعيد لهل كرامتها..
ليس هناك أقليات لكن هناك إنسان يستحق الحياة .ويستحق الاستمتاع بها ويحق له أن يشعر بالتقدير والاحترام وان يعتز بكرامته ..فقط لأنه انسان!
فالعدو الحقيقى للإنسان هو شبيهه ..فهو من يظلم ويقسو ويتهم بل ويصل الجرم إلى القتل و خنق النفس وسرقة الحياة بالمعنى الحقيقى للكلمة..بدوافع غاشمة وأفكار متخلفة و ميول شيطانية..لقد اختاروا الجانب المظلم ليتوارون وهم بيننا يعيشون يدهم تمتد بالغدر لمن يتمنون السلام.. يشيعون البغض والكراهية بين أناس يبغون الوئام…فهم ذئاب خاطفة وسط حملان..
فيارب ارحمنا ولا تجازنا حسب اعمالنا وقنا شر انفسنا..فأنت الوحيد جل شأنك من بيده أن يصلح ما قد افسدناه وان تقومنا وتصلح من أمرنا..
وأخيرا لمن يبغى الحياة: “امتمنع عن الشر واصنع الخير ، أطلب السلامة واسعى ورائها”.