بقلم: كلودين كرمة
اهتممت كثيرا ولكننى اهملت نفسي
تذكرته وغفلت عن شخصى
التمست له الاعذار ولمت نفسي
ضحيت من اجله فأصبحت فى ظله
كنت له المشورة ولكننى غدوت غير المفهومة
كنت له الكل ولكنى امسيت الجزء
اهتممت بأدق تفاصيل حياته فلم اعد الفت انتباه
كنت النجم الساطع فى دنياه ولكنه اعتاد الضياء فلم يعد يجذبه البريق
ساندته حتى علا شأنه ولكننى ظللت فى الركن البعيد انظر اليه واتسأل ان كان يرانى من برجه العالى
وما اصعب ان يكون هو شغلى الشاغل ولكن فى اوقات كثيرة يغفل عن وجودى
اهتممت كثيرا فأهملنى كثيرا ايضا
ازحت عنه احماله فثقلت على حتى لم أعد اقوى على النهوض
اعطيته شبابى فترك لى شيخوختى
اهديته بسمتى فلم تبقى لى سوى دمعتى
احسنت الظن به فأساء الظن بى
نصفته فظلمنى
كنت درعاُ له فإنشبت فى نفسى سهام مسمومة
قابل رقتى بقسوته
وما كان جزاء صبري إلا المزيد من الحيرة والغموض
فرأى الناس حزنى فى عينى لقد انطفا بريق الامانى فيهما
ولم يعد رنين ضحكتى يضوى فى القلوب ولكنها اصبحت كصدى صوت يدوى من بعيد لضحكة كدت انساها.
فحاولت الاقتراب لعلنى استعيد فرحتى ولكن لا جدوى من المحاولة فأصبحت الرؤية غير واضحة والأفكار متباعدة
اما عن المشاعر فتناثرت وتباعدت ولم اعد استطيع ان اعيدها الى نصابها فأصابنى شئ من الجمود و الغموض.. والتشويش اصبح الصفة السائدة فلم تعد لدى القدرة لأحكم على المواقف او الاشخاص وتساوت الامور لدى فلم يعد شى يحزننى او يسعدنى حتى الاختيار بات لدى صعبا ..
وقد صور الشاعر الأستاذ فريد زمكحل بأبيات رائعة كل ما يجول في نفسي قائلا فى قصيدته “ من يملك تحريرى “
ولقد وجدت فى عنوان القصيدة الحل الوحيد وهو بالفعل الذى قد بدأت به لأزيح احزانى عن نفسى المتعبة .. و اجابة التساؤل :” من يملك تحريرى” هو “ انا “ ولا يوجد من يقوى على تحرير نفسى الا “ انا “ فلا بد ان اعيد حساباتى وان اقف على اسباب تعاستى وان ابدل تفكيرى واحرص على كيفية اظهار ردود افعالى .. فقد اتضح للأسف ان من يتعامل بطبيعته وعلى سجيته – بالتأكيد مع مراعاة مشاعر الاخرين وحسن اختيار الكلمات- لا يصدقه الناس وان من يفكر ويتحايل ويمتلك موهبة التأليف وحسن الإخراج يكتب اجمل السيناريوهات هو من يفوز ويتزكى ويكسب ويبهر من حوله .. رغم عدم صدق نواياه ..لانه يتلاعب بالألفاظ بطريقة او بأخرى ويعبر بنظراته تعبيرات كاذبة ولكن هو من يفوز بمبتغاه!!!
وعليه فقد قررت ان اخوض هذه التجربة وهى بالنسبة لى التحدى لنفسى اولا اذ عليَّ ان انجح فى تقمص شخصية تنال اعجاب المحيطين وتبعد عنى القيل والقال وكثرة التساؤلات وتريحينى من تدخل الفضوليين فى تفاصيل حياتى .. فعلى ان اتعلم ان اظهر ما اريد للآخرين ان يعرفوه عنى سواء كانت هذه هى الحقيقة ام لا .. فيمكننى ان اظهر الامتنان وأنا مستاءة جدا او ان اظهر الاستياء ولكن بداخلى لا يوجد اى انفعال حقيقى…
وجدت هذا الحل وقد اراح الناس نسبيا ويا للأسف.. لقد صدقوا هذا الوجه المزيف.. ولكن يجب ان احرص على سمات شخصيتى حتى لا يكون هذا هو سلوكى ومنهج حياتى فافقد نفسى التى احبها واعتز بها كثيرا.. وهذا يجعلننى اشعر فى بعض الاحيان اننى انفصل عن ذاتى لوقت قصير .. ثم اعود اليها بعد انتهاء المهمة وكأننى انتدب لأداء مهمة ثم اعود الى منزلى…
فأصبحت افضل الوحدة حتى ألاقى نفسي واستمتع بهدوئها الذى افتقده وانا فى وسط الضجيج الصاخب.
اننى لا ادعى اننى على ما يرام وانا على هذه الحال .. ولكنى وجدت نوع من السعادة وراحة البال وهدوء الأعصاب.. ولكن من هو الصديق الصدوق الذي يعرف طبيعتى ويفهم نظرة عينى الحائرة يعلم جيدا ما يجول بنفسي ولا تخدعه مظاهر الفرح التى احاول ان تبدو وكأنها حقيقية.. ولكن هذا يسعدنى كثيرا انه مازال هناك ورغم قساوة الايام قلوب تفهم وتهتم وتعى .. فمازال الحظ يحالفنى فهناك قلوب طيبة وأيضا هناك سبيل لاجد راحتى وارسم ضحكتى وازين ايامى.
































