بقلم: سليم خليل
في أكثر دول العالم الأول الصناعي يحصل المسننون على دخل معين للعيش الكريم ؛ وتصرً الأنظمة على العاطلين عن العمل والمؤهلين للعمل والشباب لإيجاد عمل ويحصلون على مساعدة يمكن أن تكون مؤقتة لدفع هذه الفئة وتشجيعها للتفتيش على العمل.
مع نظام العولمة وفتح الأسواق للتجارة الحرة بالإضافة إلى تحويل الإنتاج اليدوي إلى خطوط إنتاج أوتوماتيكي والروبوت الإنسان الألي خسرت اليد العاملة في الكثير من البلدان الكثير من فرص العمل ؛ ولسد هذا الفراغ نجد زيادة ميزانيات البلديات ووزارات الأشغال لبناء الجسور وتعبيد طرق جديدة وإصلاح القديم لمنح العاطلين عن العمل فرص عمل موسميَة لأن هذه الأعمال تتوقف في مواسم الشتاء والثلوج.
لا مجال هنا للحديث عن انتقال رؤوس الأموال والصناعات إلى مناطق فيها ضمانات للربح نتيجة رخص اليد العاملة وانخفاض قيمة العملات المحلية بالنسبة إلى الدولار واليورو وعملات أخرى لدول صناعية وهذا ما يساعد على المضاربة ويشجع وينشط التصدير؛ كل هذه العوامل أدت إلى خسارة اليد العاملة فرص عمل في الدول الصناعية.
بقيت مساعدة الدولة للعاطلين عن العمل في حدود ومفهوم المساعدة لغاية لجوء ملايين هاربين من الحروب الأهلية باتجاه أوروبا ودول أخرى واستقبالهم ومنحهم كافة الامتيازات من سكن ومعاش وضمانات صحية وأدوية مجانية إلخ. في هذا الكرم الحاتمي الممنوح للاجئين إعترض أهل البلاد وشبابها في بلاد اسكندنافية الذين لا يجدون عملا وهم على مساعدة محدودة وأعلنوا : أصبحنا نحن لاجئين والغرباء يتمتعون بنعم العيش في بلادنا التي بناها أجدادنا وأهلنا وسواعدنا !!
سمعت هذا الكلام من سيدة في مدينة مونتريال من أصل سوري تعمل هي وزوجها ولهم ثلاث أبناء في الجامعات يعانون من صعوبة الحياة نتيجة الدخل المحدود مقارنة مع نفقات العيش ؛ ومقارنة مع الامتيازات الممنوحة للاجئين !!
نتيجة الاعتراضات استدركت السلطات في دول اسكندنافية مؤيدةً مطالب السكان ورفعت المساعدة إلى راتب يضمن العيش الكريم لعموم السكان . إن هذا القرار قيد التجربة ويمكن أن يصبح قانونا دائما لضمان العيش الكريم.
في السبعينات من القرن الماضي وفي مقاطعة مانيتوبا الكندية وغيرها عانت القرى من هجرة الشباب إلى المدن لمتابعة الدراسة أو لإيجاد عمل ؛ هذه الهجرة خطيرة لأن غياب العيال وتناقل الملكية من جيل إلى جيل يعني إغلاق المدارس والمستشفيات
والخدمات الإنسانية والأمن؛ وبعد رحيل المسننين تصبح القرى مهجورة. قامت حكومة مانيتوبا في تلك الفترة بتجربة جريئة بمنح رواتب في قريتين لكافة المقيمين ؛ كانت النتيجة إستقرار الوضع السكاني في القريتين كما ان الشباب فيهما
إنصرفوا للدراسة بدوام كامل وتابع المؤهلون دراساتهم العليا.
بعد هذه التجربة إستقرت الأمور على مساعدة للعاطلين عن العمل ؛ لكن هجرة الشباب من القرى كما في كافة بلدان العالم إستمرت ، وهذا ما شجع بعض البلاد الأوروبية على إستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين من بلاد الحروب الأهلية
وتوطينهم في قرى شبه مهجورة لإعادة الحياة إليها ولاستمرار الخدمات من مدارس ومستشفيات ومواصلات وكهرباء إلخ إلخ .
أذكر هنا أن أحد مخاتير المدن الصغيرة من ولاية اونتاريو التي تعاني من هجرة الشباب إلى المدن الكبيرة ؛ إستمر في الإلحاح على وزارة الهجرة لإرسال مئتي عائلة لاجئين سوريين عندما قررت الحكومة المركزية برئاسة السيد جوستان ترودو إستقبال خمسين ألفا من المهجرين ؛ وذلك لإسكان تلك العائلات في منازل مهجورة في مدينته لإعادة الحياة إليها واستمرار الدراسة في معاهدها المهددة بالإغلاق بالإضافة إلى الخدمات الأخرى.
من الجدير بالذكر هنا أن من أسباب الأزمات السكانية في الدول الصناعية الغنية : عزوف الشباب عن الزواج وإنجاب العيال وتحمل مسؤولية تربيتهم وهذا ما نجده في إحصائيات السكان في هذه البلاد التي تؤكد خطورة نسبة عدد المسننين الكبير بالنسبة لعدد الأطفال .
في بلادنا الشرق أوسطية تختلف الأزمات إختلافا تاما عما يجرى في الدول الصناعية لأن التكاثر في القرى هائل وعدد الشباب المنتقل إلى المدن أقل من الباقين فيها وأصبحت المزرعة قرية والقرية ضيعة ، والضيعة بلدة والبلدة المدينة نتيجة التكاثر وعجز المجتمع والسلطات عن توعية العائلات لتحديد النسل والخروج من الفقر والعوز .






























