بقلم: سونيا الحداد
القمر يئن ومملكة القمر تتألم مدركة أنها، يوما بعد يوم، تبتعد عن ركب القافلة الكونية وعنها قد تنفصل وتزول. يوما بعد يوم يعيث الفساد بأرضها ويتملك روحها. يوما بعد يوم تفرع الأحداق من نور قمرها ولآ يبقى سوى الجماجم تسير في الشوارع تحدق بالفراغ تبحث عن نور ينقذها. مملكة باتت أمتها عمياء لآ تبصر وصماء لآ تسمع وخرساء من الخوف إما من الله أومن عجوله، لآ تنبذ بكلمة… لأنها تخلت عن هدية العقل التي أنعم بها الكون عليها، وقبعت أسيرة في قمقم علآء الدين المزيف اللعين. هذا القمقم الذي أهداها إياه العجول المسمنة باسم الدين، تقضي بأمرها وترسم قدرها. قمقم يحجمها الى حشرات تعبدهم، تقبل أيديهم وأطراف سراويلهم تملقا على أمل التحنن عليها ببعض الفتات. حشرات بات مصيرها يقرَّر تحت نعال عجول شرهة متخمة لآ ترى ولا يهمها الأمة سواء فرحت أم احتضرت، سواء تكاثرت ام اندثرت. لآ يهمها أي شيئ لآ يراه ولا يلامسه غرورها الإلهي!!!
عجول متوحشة تعشق شرب الدماء، وخمرة الدموع، ذبح الأعناق وحشر القبور. تقيم ولآئمها تكريماً للمسوخ أسيادها. تمدّ لهم السجاد الأحمر الملكي على أشلاء حشرات تُطبل لهم وتستر عوراتهم مهما شنعت، إيمانا منها برِفعة عجولها وأحقـيّتهم الربانية أو النسَبية بالملك والتملك. حشرات ملبوسة، تحتفل كل منها بإلآهها دون توفير أي مناسبة لها. تذبح وتقتل وتخون وتفتك ببعضها البعض احتفالا بقوة وتفوق عجلها، تتشدق فرحة بمصيرها المقدّر لها، تفتخر باختيارها وانتمائها الى عالم الحشرات المظلم. ترى أنوار الكواكب الأخرى، تغار منها وتتمناها ولكنها تفضل ظلام الأحذية على بدر القمر، ايمانا منها بفساد جميع الأضواء المتألقة التي تحيط بها والتي تدعوها الى الخروج ومواجهة النور والتمتع بدفئه الحقيقي. وهل يخفى القمر وبدره؟
كيف لك أن لآ تئن أيها القمر، وقد تخلّى عنك ابناؤك واختاروا حياة الكهوف وعبادة العجول؟ كيف يمكن لك أن تستعيد بدرك ومملكتك تطفأ سحر الشموع، تغتال القلوب البريئة وتطعمها الى العجول؟ لآ، لن يتغيّر قدرك أيتها المملكة إلا يوم تتوقفين عن عبادة العجول المذهبة والتشبث بقرونها، خناجر مسننة تهشم جسدك وتشلع أطرافك وليمة لكروشهم وزيتا لنارهم يتدفون به…
تمهلي أيها الحشرات وتمعّني ملياً في نعال هذه الأحذية، سترين أنها ليست ذهبية ولآ نورانية. سترين أنها بريق مزيف تشبه قبورا مبيّضة من الخارج، وداخلها مملوءة عظام اموات وكل نجاسة! هيا ايتها الأمة المغبونة، انفضي غبار الديجور عن أجنحتك المكبلة، وحلقي فراشات نور تحتفل بقمر يخطف القلوب والأبصار ساعة يتألق بدره…