بقلم: هيثم السباعي
قد يتهمني بعض السيدات والساده القراء بأنني بهذه المقالة أقوم بالدعاية لإسرائيل. وبما أنني مؤمن بالقول المأثور: “إعرف عدوك” فإنني لا أبالغ إذا قلت بأنني مهتم ومتابع لتطورات وأحداث وعلاقات دولنا بتلك الدولة التي درجنا لفترة من الزمن بوصفها “الدولة المسخ” قبل بلوغي سن الرشد لا لسبب آخر سوى أنني أنتمي لجيل النكبه. وأجيب على الإتهام بأنني على العكس أحاول إظهار الفرق بيننا وبينهم وأن علينا ولو متأخرين أن نفتح أعيننا على ما يحيط بنا من أخطار بدأت تظهر بوادرها تحديداً وبوضوح مع باكورة القرن الحالي وأعتقد جازماً أن هذه المقاله تهمنا جميعاً، وكما نرى الشعب الذي كنا نعتبره من ‘شذاذ آفاق’ جعل بشكل مباشر وغير مباشر جزء من إخوتنا شذاذ آفاق بدلاً عنهم ولم يكتف بطرد الفلسطينيين من ديارهم ليشمل الطرد جزءاً من بقية العرب. إذ بلغ عدد النازحين واللاجئين العرب مستويات غير مسبوقة.
رغم كل ما مر ببلادنا العربية من نكبات فإنني على ثقة تامة، قد يخالفني البعض، أنه لم يفت الوقت بعد على إمكانية تدارك وإصلاح الأوضاع وإعادتها إلى وضعها الطبيعي واستعادة احترام الآخر بوجود الإرادة المخلصة والتعاون الجاد بين الدول العربية التي لا ينقصها الرجال ولا الأموال، ولامانع أن يعتبره البعض حلم، ربما بعيد المنال.
من الجدير بالذكر الإشارة إلى أن العالم عرف العرب لاول مرة في عام ٨٥٠ قبل الميلاد، بينما إسرائيل دولة لايزيد عمرها عن سبعين عاماً متفوقة حالياً على العالم وخاصة الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا بثلاثة مجالات علمية هي تقنية المعلومات ومعالجة كافة أنواع المياه بما فيها إزالة الملوحة والمجال الثالث في الأبحاث الطبية، وهي اليوم تحتل المركز الثامن عالميا بتصدير الأسلحة، وزبائنها موزعين بين أفريقيا وأميريكا الجنوبية.
تمتلك إسرائيل في صحراء النقب اليوم أكبر مركز متقدم لتقنية المعلومات في العالم يمكنه التنصت على أي هاتف أو منزل عبر أي جهاز إليكتروني آخر مهما كان نوعه في العالم أي عبر التيليڤيزيونات والحاسبات واللوحات الرقمية والهواتف الذكية. كما يمكن لذلك المركز فك شيفرة أي جهاز إليكتروني في العالم، وقد استعانت به وكالة المخابرات المركزية لفك شيفرة هاتف مثلي الجنس الذي هاجم حانة لأمثاله في بيرناردينو في كاليفورنيا وقتل ٤٥ شخصاً. يقوم هذا المركز أيضاً بتصنيع وتصدير أجهزة التجسس الفردية والدولية إلى كافة أنحاء العالم، خاصة الأنظمة الديكتاتورية منها.
بإمكاننا إلقاء نظرة سريعه عن أسباب تخلف الدول العربية وتقدم إسرائيل عليها مجتمعة. ولنبدأ بالبحث العلمي وبشكل منهجي لنضع يدنا على جذور المشكله. ولنبدأ بمراكز الأبحاث. من المعروف أن إسرائيل تخصص ٤,٧٪ من كامل ناتج دخلها القومي السنوي للأبحاث العلمية، مقابل ٢٪ تخصصها الدول الصناعية. أما الدول العربية فتخصص وسطياً ٣,.٪ وسورية ولبنان وتونس لا تتجاوز ميزانية البحث العلمي لديها ١,.٪ من كامل الناتج المحلي السنوي.
في وقت من الأوقات وتحديداً عندما كانت أوروپا تعاني من التخلف وظلمات القرون الوسطى، كانت بغداد والأندلس قبلتان لطلاب العلم والمعرفة. فماذا حدث؟؟؟ بعد استقلال الدول العربية، إتسمت أنظمة الحكم بالدكتاتورية أو الفردية أو الملكية أو العائلية، ما أدى إلى خسارتها حتى بدء ‘الربيع العربي’ ١٠٠٠ مليار دولار نتيجة فساد الحكام وهذا المبلغ يعادل ٣٣٪ من ناتجها القومي مجتمعة. أدى هذا الفساد إلى انتشار البطاله بنسبة وسطية تصل إلى ٢٥-٣٠٪ من السكان وفي بعضها يصل إلى ٥٠٪ ومعاناة ١٠٠ مليون مواطن من العيش تحت خط الفقر، ناهيك عن إنتشار الأمية والأمراض وانهيار البنية التحتية للإقتصاد.
قبل هذا وعند ظهور النفط في الصحارى العربية، وبدلاً من استثمار عائداته واستخدامها للحاق بالركب الحضاري والعولمة، استخدمت ملايينه بالعشرات وربما بالمئات لنشر الحضارة الصحراوية، وأقصد هنا الوهابية. واليوم يعادل ماينفقة العالم المتقدم على البحث العلمي الإحتياطي المالي للسعودية وحدها والبالغ ٨٠٠ مليار دولاراً أميريكياً مجمدة في المصارف الأميريكية، تشبه بذلك الرجل الميت الحي.
أبدعت إسرا ئيل بتقنية المعلومات التي أدخلتها حتى بالأسلحة التي تردها من الولايات المتحدة لتعود الأخيرة وتشتري منها الأنظمة المذكورة خاصة التي تعدل بها برامج الطائرات المقاتلة القاذفة وأنظمة الدفاع الجوي.
يشكل بيع الأسلحة الإسرائيلية المتطورة اليوم جزءاً هاماً من دخلها القومي وتنتشر زبائنها من الهند شرقاً حتى أميريكا الجنوبية غرباً مروراً بعدد كبير من الدول الأفريقية. كما أن تصدير تكنولوجيا المعلومات يشكل جزءاً لا يستهان به من دخلها القومي. وعلماؤها يقومون بأبحاث مشتركة بالطب وبالعلوم المختلفة مع جامعات كبيرة بريطانية وأميريكية وغيرها، ولديها عشر جامعات ومعاهد تكنولوجية مصنفه من ضمن أول ١٠٠ جامعه من أصل ٥٠٠ جامعه في العالم، منها جامعة ومعهد تكنولوجي من ضمن أول عشر جامعات. من جهة أخرى لاتوجد ولا جامعه أو معهد تقني عربي واحد من ضمن أول ٥٠٠ جامعة في العالم.
وللحديث بقية