بقلم: كلودين كرمة
لا يمكن أن نتخيل القبح ولكننا نواجهه، . لا نستطيع أن نتحمل الفراق ولكننا نقاسى آلامه،. لا يسعنا تقبل الخيانة ولكننا نتعرض لها ، مرارا . لا نحبذ فكرة الإنتقام إنما لا نستطيع أن نمنعها .، لا يجدى الصراع على السلطة لأن عواقبه وخيمة.، لا نكتفى بما نملك ولكن ليس هناك من تدبير. لا نقتنى الكثير ولا نقنع بالقليل. لا نرضى عن انفسنا ولا نمدح الآخرين. لا نرضى عن واقعنا ولا نستطيع تغييره. لا نستمتع بالحياة لكننا نعيشها. وفى المقابل … نبحث عن الأمان ولا نجده . نفتش عن الحب الصادق وقلما ما نصادفه. نريد الإمتلاك فنضيع كل شئ. نتمى السعادة ولكن سرعان ما تتلاشى. نؤكد على معنى الاحترام والتقدير ولكن نفتقده. نبغى الرقى ولكننا ننحدر بشدة. نحث على الإحسان والتعاطف ، أين نجدهم ؟ والأنانية تفوز دائما، نتوق إلى روح العائلة ولكن الأيام تحرمنا. نسعى إلى النجاح والتميز أما الإمكانيات تنقصنا، نرضى بنصيبنا من الحياة و هى تزيد من قسوتها .
ومع ذلك… فأننا نقاوم ، ونرسم الإبتسامة على وجوهنا ، وندارى أحزاننا ، وننهض نافضين تراب اليأس والانهزامية عن أنفسنا ؛ وهذا ما يميز الإنسان المتحدى الذى يقهر الظروف ويطوعها عن الإنسان الإنهزامى الذى يرضخ للظروف ويجلعها تسوس حياته، و مع ذلك فإن المقاومة أو الاستسلام ليس دليلاً قاطعاً على قوة الشخصية أو الذكاء أو إقتناص الفرص ولكن الأمر كله يتعلق بصدق النوايا والإيمان بأهمية الوصول إلى الهدف المنشود لتحقيق الذات ومقاومة الفشل قدر الإمكان ؛ وهذا الغرض وحده كفيل بأن يولد طاقة ويظهر إصرارا و يقوى العزيمة حتى اذ تعرقل فى خطوة ما ، لا ينهار بل يحاول النهوض مرفوع الرأس رافضا الهروب ومصر على مواصلة الكفاح .. فالإصرار هو مفتاح النجاح فالإنسان الدءوب لا يستسلم أبدا للمشاعر السلبية أو لأراء محبطة من شأنها أن تشتت تركيزه وتسلبه أحلامه وتحطم آماله الذى طالما ما قاوم حتى نفسه وميوله ورغباته حتى ينالها ؛ فالإنسان الذى يبغى النجاح لا يطيل الإنتظار فى محطات الفشل ، التى ولا بد أن تواجهه ، ولكنه يتخطها سريعا ويلحق بطموحاته من جديد ويستمر فى الدفاع عن قدراته وكيانه ويدعمهما حتى تستقيم الأمور. ومن هنا نجد للحياة معنى وللإنسانية مكانة و للعزيمة ضرورة وللبداية أهمية قصوى وإن حبانا الله بأناس صادقين وانعم علينا بفهم و وعى ، فمما لا شك فيه إن هذه الدعائم وما نمتلكه من معطيات من حسن تدبير وتخطيط ، فهذا من شأنه أن يجعلنا نتحفظ من الأخطاء ونستوعب الأمور جيدا ونتبحر فى دراسة أدق التفاصيل حتى نحصل على أفضل النتائج.
وبين هبوط وصعود وبين تلاطم الأمواج وبين جبال ووديان ..هناك إنسان عاقل يعيش فى حيرة من أمره .. تارة يسمو ويرتفع ، وتارة أخرى يهوى ويسقط .. بين علو وانحدار يتأرجح ، ولكنه من خلال هذه الصراعات يكتسب خبرات .. ومن الحجارة التى تعثره يعتلى أولى درجات النجاح ؛ وإن ظن يوما أن مجهوده قد ضاع هباء فلا يلبث أن يرى فى الأفق البعيد ولو ثمرة قد نبت وبريق أمل يتلألأ تبعث فى نفسه الإرادة من جديد فيكون ذو همة عالية وقدم ثابتة لا يمل ولا يكل لأن فى إثبات نجاحه تكمن سعادته .. فلكل إنسان مجال لتفوقه ومصدر لهنائه . فهناك مجالات عديدة تتيح فرص رائعة لكل فرد حسب قدراته ولكن عليه أن يقوم أولا بالغوص داخل نفسه ويتفهمها ويعتبر قدراتها ونقاط ضعفها ويحسن التعامل معها حتى يحقق التوازن فى حياته العملية والإجتماعية على حد سواء .