بقلم: كلودين كرمة
متى يسمح لنا ان نزيح الستار ونرفع النقاب ونزيل الغموض حتى نرى الصورة بوضوح دون رطوش ؛ ونرى الحقيقة بأعين مفتوحة وفكر واعى وضمير حى لا تلوثه المصالح ولا يطمس حتى ينتصر الظلم ولا يموت حتى يسود الظلم والظلام..؟ إننا نشاهد دائما المسرحية بعد الإعداد والإخراج و إختيار الممثلين والملابس التى تساعد فى تقمص الأدوار والماكياج الذى يحجب عنا التفاصيل الأصلية ويخفى وراءه حقائق كثيرة و يدارى عيوب جوهرية أما الطامة الكبرى ففى السيناريو والحوار اللذان يقنعان المشاهدين بصدق النوايا..ولا عجب فلا بد أن تفوز المسرحية بالإعجاب ويسعد الممثلين بالتقدير ويستمتعون بسماع الهتاف والتصفيق الحاد ؛ فإتقانهم بالقيام بدورهم يستحق التقدير حتى ولو كانت الفكرة خيالية والأحداث لا تتسم بالواقعية..فإقناعنا بما هو غير موجود وكأننا نمتلكه بين أيدينا وتصديقنا للوعود وكأنها سبق وتحققت فهذه مهارة تستحق المديح ..
وبالرغم من ذلك فإننا نشعر بداخلنا إننا مستهدفون لنكون أداة فى يد المسئولين لتحقيق رغباتهم و بالرغم من ذلك فإننا لا نجد بديلا عن الخضوع ، ونتحول بدورنا إلى شخصيات كاريكاتيرية مثيرة للسخرية والشفقة فى آن واحد. “ انهم “يحكمون علينا مسبقا بالإشترك فى مسرحيات هزلية و أساطير ولكنهم ينهوننا ان نطلع على ما يدور خلف الكواليس ويمنعوننا حتى من الإقتراب من ميدان العمليات ..فعليهم الأمر وعلينا الطاعة ..
ممنوع ان نسأل عن معانى لانفهمها أو أفكار غير مستساغة أو جمل غير واضحة وحتى الحوار هو من وحى خيالهم ، وهو عبارة عن وحدات مركبة بطريقة عشوائية و لا يجوز لأحد ان يفهمها فهى تعاويذ سحرية من شأنها أن تسلب العقول رجاحتها ومن العيون بصيرتها ومن القلوب رحمتها. إن الحقيقة “ إنهم “ لا يروننا فإننا نرى ككتلة يحجبها ضباب كثيف عن أعينهم ، ولكنهم واثقين أن هذه الكتلة إن تحركت ستخترق الضباب وتظهر بوضوح كأشعة الشمس القوية امام أعينهم بغتة فلا يرون … فإنهم يخشونها ولذلك يريدون دائما أن يبقوها فى دائرة الظل ويقبضون فى ايديهم العصى ..”والعصى لمن عصى”… فهو نوع من الإرهاب – او – فرض الحماية .. فيؤول بنا الحال إلى الاستعمار ولكن ليس من العدو ولكن من أهل الدار … يا له من موقف عصيب .. فإن جابهنا العدو فلا ملام ، وهذا حقنا ونسمى حينئذ بالمواطنين الصالحين ومن يموت يدعى شهيد ؛ ولكن إن عارضنا ذاوينا فنصبح مجرمين نستوجب الحكم ولا من منصف والموت أيضا هو المصير. ومن هنا نرى أن الأمر يتلخص فى فكرتين الأولى “ موافقون “والثانية “ مقهورون”..وهذان طريقان تحفهما المخاطر ويسود عليهم الغموض وإنعدام الرؤية وبالتالى الخضوع بل الخنوع “لمن يرى” ..
وهذا هو منّ سلب معنى الوجود من الحياة وببطئ حيث لا نتعثر و لا نخطوا فنثبت فى أماكنا “ محلك سر “ ففى الظاهر نحيا ولكن فى الحقيقة إننا نتحول إلى فصيلة اخرى من الكائنات الحية التى لها الحق فقط فى استنشاق الهواء “ بدعوى إننا : لا نعى ولا نفهم ولا نقدّر المسئولية وليس لدينا القدرة على تقديم يد المساعدة و نفتقد المهارة التى تدفعنا للإبتكار ولسنا مؤهلين لاتخاذ القرار.. فنحن لا نحتسب من عداد الأحياء ولا الأموات ..فلا مكان لنا لا هنا ولا هناك . فبئس المصير لنا ولعالمنا ! ماداموا يزرعون الأشجار ولا يسقونها ، ويهتمون فقط بطلاء الواجهات ، ويبتسمون لإخفاء البلاء وإظهار الثبات ، ويمدون أيديهم بالأطباق الخاوية من الغذاء لمن هم فى حاجة ولو الى قطرة ماء.