بقلم: كنده الجيوش
يقول البعض ممن يعيش في بلادنا العربية بأنه يتمنى اكل سندويشات المحلات الكبيرة الجاهزة مثل ماكدونالد وغيرها ويرى فيها شيئا لذيذا وتجربة جميلة. اما من يعيش في بلاد الاغتراب فانه لا يري فيها لذة ويحلم بأكل سندويش فلافل من محل على قارعة الطريق وخبز ساخن من مخبز قريب.
ومع الكورونا اليوم اختلفت المعايير واحتياطات الأمان. ولكن أيضا الطبخ اصبح متنفساً كبيراً للقاء المعارف والغرباء معا ليتشاركوا بوصفة تقليدية تفتح لهم باب الترويح عن النفس وكذلك التواصل في عالم الاغتراب.
والحقيقة ان تجربة الاغتراب لها جوانب صعبة. ولكن اليوم اصبح الطبخ ووصفات الوجبات الغذائية مالحة او حلوة والطعام بشكل عام الذي ينتمي الى موائد بلادنا من اهم اواصر الربط الثقافي من نواح عديدة.
الأكل العربي موادا غذائية ام طبخا من مختلف بلادنا العربية اصبح وسيلة ربط كبيرة بين ابناء الجالية وبلدهم الأم من جهة وكذلك وسيلة ربط بين ابناء الجالية العربية داخل اَي بلد مهجر وحتى بين بلدان المهجر عموما وخاصة ان الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي سهلت هذا الامر.
والطبخ العربي والطعام العربي أيضا اصبح وسيلة ربط ثقافية جميلة بين ابناء الجالية العربية وكذلك ابناء تلك البلدان الأقدم او الأصليين سواء أكان ذلك في أوربا او كندا او امريكا وغيرها من القارات حيث ينتشر ابناء الجالية العربية.
وفي بلدان اوربا وكندا مثلا يشهد الطبخ السوري الذي انتشر اخيرا مع هجرة ولجوء مئات الآلاف من السوريين فورة كبيرة وإقبال كبير حيث يرتقي بعض من الطباخين السوريين الى مجال العالمية. احدهم اختير واحد من اهم ٤٠ طباخا في فرنسا.
وكذلك هناك طباخين عرب من مصر ولبنان والمغرب العربي عموما باتو مسؤولين عن اهم المناسبات العالمية في اوربا وادخلوا الوصفات العربية الى دور الرئاسة والملوك والحكام وغيرهم.
وعدا عن هذا وذاك فإن الطبخ اصبح وسيلة لربط ابناء الجاليات العربية ومساعدتهم للتعرف على تراثهم من خلال الطبخ.
ومثال ذلك صفحة «مطبخ غربة» التي تربط السوريين عبر القارات من اوربا الى الامريكيتين والشرق الأوسط واسيا على الفيس بوك التي تساعد السوريين على التعرف على وجباتهم وطرق طبخها بينما يروي البعض قصصا قصيرة عن تجاربهم في الغربة او قصص قصيرة من تراثهم في الوطن الأم تذكرهم به.
وأصبحنا نتذكر من جديد مثلا أهمية شجرة النارنج في البيوت الدمشقية والمربى وماء زهر النارنج الذي يُصنع منها. وغيرها الكثير من القصص والتفاعل بالمئات والحوارات ودية ومحبة. ومن مصر نتعرف على طقوس اكل الفول لدى الاحبة المصريين او الكوشري ومن الخليج الكبسة ومن المغرب البسطيلة والقائمة تطول والأكل يرتبط بشكل وثيق بالتاريخ والثقافة والعلاقات الاجتماعية وقصص جميلة من التراث. عالم واسع نتعرف عليه.
في كندا وخاصة مونتريال لدينا محلات كبيرة وصغيرة ومطاعم عربية من سوريا ومصر والمغرب العربي وبعضها وصل لمصاف العالمية وأصبح من اهم المحلات في امريكا الشمالية وغيرها.
واليوم مع الكورونا اصبح الكثير من هذه المحلات وبسبب الإغلاق تعتمد على خدمة التوصيل بدلا عن خدمة الزبائن داخل المطعم.
عالم إعداد الطبخ في المنزل اليوم ينظر اليه كوسيلة للترفيه وعلاج من ضغط الحياة ومرض الكورونا.. وكذلك صفحات الفيسبوك والطباخين والمحلات الغذائية والمطاعم ووصفاتها التقليدية كلها وسائل ربط ومحبة مع ابناء الجالية العربية ومع المحيط من الجاليات الأخرى.. نعم نشجعهم جميعا!