بقلم: الدكتور غازي الفنوش
ساعة داخلية فطرية تسير ذاتيا متوضعة في كل خلايا وأجهزة الجسم، تتحكم فى دورة النوم والاستيقاظ على مدار اليوم بشكل منتظم، يسيطر الدماغ على إيقاع هذه الساعة، ولهذا الإيقاع علاقة كذلك بالضوء والظلام ، ففي المساء، ترسل العين إشارة إلى المخ تشعره بأن وقت النوم قد حان، وهنا يرسل المخ إشارة إلى الجسم لإطلاق الميلاتونين الذي يجعل الجسم مهيأ للنوم فيشعر الإنسان بالنعاس، وتفرز هذا الهرمون غدة متوضعة في قاعدة الدماغ، تدعى الغدة الصنوبرية، وعادة يفرز الجسم المزيد من الميلاتونين في الظلام، بينما ينخفض عندما يأتي النهار، ويتزامن إيقاع الساعة البيولوجية مع عمليتي النوم والاستيقاظ، ولدى كلّ شخص جدولة زمنية مخزنة داخل جسده هي التي تساعده على النوم ليلًا والاستيقاظ نهارا،
ولكنْ في بعض الأحيان قد يتعرّض الشخص لظروف تجعله لايلتزم بهذه الجدولة الخاصة به، مثل العمل بنظام الشفتات ( الورديات) التي تستدعي بقاءه مستيقظا طوال الليل، مما يؤدي لإختلاف في ايقاع الساعة البيولوجية، والتغيير في هذا النمط يسبب في كثير من الأحيان مشاكل صحية للجسم، كذلك يحدث إضطراب في الإيقاع عند السفر برحلات جوية إلى بعض الدول التي يكون فيها التوقيت الزمني مختلف عن التوقيت الزمني في دولة المغادرة، مما يتسبب في حدوث خلل في إيقاع الساعة البيولوجية، فيحدث ( Jet Lag )، ولكن بعد مرور فترة يعتاد الجسم على فرق التوقيت .
لقد أظهرت الددراسات أن قلة النوم تؤثر سلبا على جهاز المناعة، وتضعف مقاومة الجسم، مما يعرضه للعدوى بالأمراض الفيروسية والبكتيرية ونزلات البرد والكورونا، كما تؤدي إلى السمنة وذلك بسبب تغيرات في مستويات هرمونات الجوع (الجريلين ) الذي يعمل على تحفيز الجوع، والأكل بشراهة ومنه زيادة إمكانية الإصابة بمرض السكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وتقلب في المزاج، مع احتمال الاصابة بالاكتئاب ..!!
لاريب إن الحجر المنزلي لمدة أسابيع أو أشهر بسبب تفشي فيروس كورونا، فرض على الناس نمط حياة لم يألفوه من قبل، حيث تعطلت الدراسة، وأغلقت المحلات التجارية والمطاعم والحدائق، وفقد كثير من الناس وظائفهم، فعم الخوف والقلق والإضطرابات النفسية والإجتماعية، وتغير نظامهم الغذائي ونمط النوم والاستيقاظ لديهم، هذا وقد يواجه هؤلاء صعوبة في التكيف للعودة إلى النظام السابق بعد زوال فيروس كورونا، مالم يتمكنوا من إيجاد أنشطة يومية لقضاء الحجر الصحي في أجواء هادئة ومفيدة، من خلال وضع جدول زمني محدد يتضمن كل ما يجب القيام به خلال اليوم، وعدم الانغماس في أساليب عيش غير صحية، حيث يكتفي البعض بالأكل والنوم، وهذه الشريحة من الناس ستكون من أكثر المتضررين عند انتهاء الحجر الصحي وسيواجهون صعوبة في العودة إلى نظامهم الحياتي اليومي قبل جائحة كورونا .
كيفية إعادة ضبط الساعة البيولوجية وتنظيم مواعيد النوم ؟؟
عندما تضطرب هذه الساعة، فإنه ينصح لإعادة ضبطها واستعادة عملها وذلك بتعرض الشخص لضوء النهار بشكل جيد عبر فتح الستائر، وإطفاء أو تخفيف الإضاءة أثناء الليل، وتجنب استخدام الأجهزة الالكترونية ذات الشاشات المضيئة قبل النوم، كونها تنبه الدماغ، و ممارسة بعض الأنشطة المساعدة على الاسترخاء قبل النوم حيث تساعد على النوم بشكل أفضل، لأن التوتر يتسبب بإفراز هرمون الكورتيزول في الجسم الذي يزيد من الشعور باليقظة، ومن هذه النشاطات والتمارين التي تؤدي إلى الإسترخاء قبل النوم التأمل وتمارين التمدد والتنفس العميق، وتحديد مواعيد محددة وثابتة للنوم والاستيقاظ مع الإلتزام بها بشكل صارم، ومع مرور الوقت يعود ايقاع الساعة البيولوجية للعمل بشكل طبيعي ومنتظم ..
حفظكم الله من هذا الوباء،، وجعل أيامكم مليئة بالسعادة والهناء