بقلم: سليم خليل
ت : تقوى – أ : أمانة – ج : جرأة – ر : رأفة
هذا الشرح عن كلمة تاجر سمعته من أحد كبار التجار المتعاملين مع أحد البنوك عندما كنت موظفا وكنت بحكم عملي مسؤولا عن العلاقات الخارجية ؛ سررت لسماع هذا التعليق الجميل وفرحت جدا لأني أستقبل يوميا عددا كبيرا من التجار لتسيير معاملاتهم ؛ ومع مرور الأيام تطورت العلاقة من تسيير معاملات إلى صداقة مع الكثيرين منهم .
مؤخرا أعارني صديق كتاب مذكرات الدكتور الفيلسوف المصري -عبد الرحمن بدوي- فإذا به يصف أهل مدينة - فاركسور المصرية – وأكثرهم تجارا بالكلمات التالية:
- فيهم كل ما في التجار من صفات -إستغلال ، وكزازة ، وعدم وفاء ، وغش !!
وأنا أقرأ هذه الكلمات عن معاناة والد الدكتور بدوي، وهو من المزارعين الكبار من تعامله مع تجار المنتجات الزراعية تذكرت حديث التاجر ووصفه لأمانة التجار وتذكرت أيضا محاولاتي التجارية الفاشلة بعد استقالتي من البنك ومباشرتي حياتي التجارية وفي مخيلتي أنني سأتعامل مع تجار أصدقاء يتحلَون بصفات التقوى والأمانة والجرأة والرأفة.
أول محاولة لي ، إستوردت قطع تبديل سيارات (بوجي) بعد دراسة الأسعار المتداولة عرضت النماذج على التاجر الصديق ذات الأخلاق – تقوى أمانة جرأة رأفة -مع العلم أنه تاجر قطع تبديل لكنه لا يستورد (بوجي) ، وحددت له سعر البيع بالجملة والمفرق . إستقبلني بكل ترحاب وتشجيع وطلب مني نماذج لتحضير لائحة مشترياته !!
أخذ النماذج وعرضها في السوق على أساس أنه المستورد الوحيد لنوع ومنشأ البضاعة وبأسعار أقل من كلفتي وأن البضاعة قيد الشحن والتسليم بعد أسابيع !!
إنتظرت بضعة أيام وشعرت أنه سوف لن يشتري مني فأخذت النماذج وعرضتها على تجار آخرين وفوجئت بالجواب بأن أسعاري أعلى ب ٣٠٪ من أسعار ذلك التاجر المعروف أكثر مني في السوق .
بهذه الحيلة والمكر أجبرني التاجر الأمين والتقي على تأجيل مبيع بضاعتي عدة أشهر لأبرهن للتجار أن ماركة البوجي تخصني ولا علاقة للزميل الأمين والتقي بها .
لما سألته معاتبا لماذا عرضت بضاعتي بأسعار أقل مما اتفقنا عليه وأقل من كلفتي !! جاوبني بكل وقاحة وكذب أن لا خطأ في الموضوع وأنه عرض الأسعار التي عرضْتها له !!
فهمت أن هذا التاجر إعتبرني منذ ذلك التاريخ منافسا وأن لاوجود للصداقة في الأسواق التجارية.
تابعت محاولاتي التجارية وواجهت الفشل وبعض النجاح وتعلمت درسا وخبرة بأنه في معترك الحياة التجارية لا وجود للرأفة ولا للأمانة ولا للتقوى وأن الدكتور عبد الفتاح بدوي – رحمه الله – على تمام الحق.