بقلم: الدكتور غازي الفنوش
يشكو الكثير من الناس آلاماً و تصلب في منطقة الرقبة وبين الكتفين، والتي قد تكون شديدة لدى البعض فتتسبب في تعطيل المهام اليومية، ومع أن هذا المرض منتشر بكثرة بين الصغار والكبار ويُنسب انتشاره الواسع إلى الحياة العصرية التي نعيشها وما رافقها من قلة الحركة والاعتماد على التكنولوجيا في أداء الكثير من الأعمال، إضافة إلى الجلوس لفترات طويلة وبوضعيات غالبا ما تكون خاطئة.
تتكون الرقبة من سبع فقرات وتتصل مع فقرات الظهر التي تشكل العمود الفقري وهو بدوره يدعم الرأس ويحمي النخاع الشوكي الذي يزود عضلات الجسم بشبكة من الأعصاب لنقل الرسائل المتعلقة بالحس والألم وردود الفعل إلى الدماغ.
تعمل فقرات الرقبة مع عضلات ومفاصل الرقبة على تسهيل حركة الرأس في اي اتجاه، ويوجد بين فقرات الرقبة اقراص (Discs) وهي عبارة عن غضاريف تمتص الصدمات وتمنع احتكاك الفقرات مع بعضها البعض، وتمنح مرونة الحركة للرقبة، وعندما تكون عضلات الرقبة في وضع غير صحيح تصاب بالتصلب والتيبس والذي يؤدي بدوره إلى صعوبة في حركة الرأس والرقبة، مما يجعل المصاب يضطر إلى تحريك جسمه بالكامل للالتفاف بدلا من تحريك الرأس فقط .
أسباب تصلب عضلات الرقبة :
إن معرفة سبب تصلب وتشنج عضلات الرقبة يعد أمرا ضروريا وذلك لإختيار أفضل وسائل المعالجة، ومن تلك الأسباب ؛
- النوم بوضعية غير مريحة قد يؤدي إلى تشنج و ألم في الرقبة عند الاستيقاظ، ويُعدّ النوم على الظهر أو النوم على الوضع الجانبي من أفضل وضعيات النوم للرقبة، كما تُشير نتائج بعض الدراسات الحديثة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم يكونون أكثر عرضة للإصابة بآلام الرقبة .
- الجلوس أمام شاشة الكومبيوتر أو استخدام الهاتف المحمول (الموبايل ) بوضعية خاطئة.
- القلق والتوتر الشديدين خلال الحياة اليومية .
- الوقوف أو الجلوس بطريقة غير صحيحة، ومن أكثر الوضعيات المسببة لألم عضلات الرقبة هي أن يكون الرأس مائلا إلى الأمام بحيث تصبح الكتفان خلف الرأس، خاصّة اذا استمرت هذه الوضعية لفترةٍ طويلة، وقد يمتدّ الألم في هذه الحالة إلى الكتفين وأعلى الظهر .
- وكذلك عند إصابة عضلات الرقبة بالتمزق نتيجة للسقوط أو التعرض لحوادث السير.
- الإصابة ببعض الأمراض التي تُسبب تشنج في الرقبة، مثل التهاب المفاصل الروماتيدي حيث يحدث خلل في جهاز المناعة للجسم، مما قد يؤدي إلى حدوث إلتهاب وألم وتصلب في الرقبة.
- التهاب السَّحايا، وهو التهاب ينتج عن عدوى بكتيرية أو فيروسية، ومن أهم أعراضه تصلٌّب الرقبة وصداع وشعور بالغثيان والاقياء مع ارتفاع درجة حرارة الجسم .
- الانزلاق الغضروفي أو الديسك في الفقرات العنقيّة يسبب آلاماً حادة في الرقبة، يُصاحبها في بعض الحالات شعور بالخدر والضعف في عضلات الرقبة والكتفين، ويتم علاجه اعتماداً على شدّة الحالة .
علاج تصلب عضلات الرقبة:
يمكن تخفيف ألم الرقبة بإجراء بعض الوسائل التي يمكن القيام بها من قبل المريض ومنها ؛
تحسين وضعية النّوم وذلك باختيار فراش مريح يُبقي العمود الفقري في وضعية صحية حيث يتوافق مع الإنحناءات الطبيعيّة للعمود الفقريّ، وأن يكون الفراش متوسط الصلابة، مع استخدام وسادة ذات إرتفاع مناسب، وتدليك المناطق المشدودة في الرقبة، مما يساعد العضلات على الاسترخاء، وممارسة تمارين الرقبة التي تساعد في التخفيف من ضغط وتوتر العضلات، عن طريق شدّ الرقبة برفق ولطف. وتطبيق كمادات الثلج، وذلك بوضع مكعبات الثلج في منشفة ووضعها على الرقبة لمدة لا تتجاوز 10 دقائق ويمكن تكرارها كل 4 ساعات، وبعد يومين تطبيق الكمادات الساخنة، إذ أن الكمادات الساخنة تعمل على تحسين الدورة الدموية والتخفيف من ألم تشنج الرقبة، وتجدر الاشارة إلى ضرورة الجلوس بطريقةٍ صحيّة لاسيما أثناء العمل لساعات طويلة لتجنب تعريض مَنطقة الرقبة للضغط وتعديل وضع الحاسوب أثناء العمل بحيث تكون شاشة الكومبيوتر بنفس مستوى النظر لتحاشي انحناء الرقبة وإجهادها، وعدم الإفراط في استخدام الهاتف الخلوي لإرسال الرسائل النصيّة الطويلة لأنّ ذلك يَستدعي النظر للأسفل ممّا يزيد من الضغط على عضلات الرقبة، وقد يؤدي إلى تشنج وتصلب وآلام حادة .
فد تستدعي بعض الحالات تناول المسكنات الدوائية، ومضادات الالتهاب ومضادات التشنج العضلي ومن هذه الأدوية؛ الآيبوبروفين Ibuprofen، والأسيتامينوفين Acetaminophen ونابروكسين Naproxen ، وفي حال عدم استجابة المرض للمعالجة ينبغي مراجعة الطبيب الذي قد يجري للمريض فحوصاً شعاعية ومغناطيسية لتشخيص الحالة المرضية ..!!