بقلم: كنده الجيوش
هناك مقولة أن بلاد المغرب العربي لها ما يشابهها أو يقابلها على الطرف الآخر في المشرق.. ومثلا الشام تقابلها المغرب والعراق ومثيلته الجزائر وتونس ووجهها الآخر لبنان.
ووجه الشبه يأتي من مثلا أن الفن المعماري وبعض الثقافة المغربية تشبه بلاد الشام كثيرا. ولعل الأمويين هم من رسخ هذا الشبه في المغرب كما ارسوا دعائمه القائمة حتى اليوم في الأندلس. والجزائر – التي اختار أميرها عبد القادر الجزائري الثائر على الفرنسيين دمشق وطنا له بعد الجزائر.. وتشبه روح المقاومة الشديدة الموجودة لدى العراقيين… والتوانسة الموهوبين في العلاقات العامة كما اللبنانيين. وهذه كلها على سبيل المثال لا الحصر.
وربما البعض يستعمل هذا الكلام أو استعمله من اجل بعض الإسقاطات السياسية أو الأيديولوجية. وربما البعض لا يرى في هذا الكلام الكثير من الدقة من حيث المقابلة.
ولكن بالتأكيد هناك تشابهات كثيرة وهي لا تنحصر بين هذه الدول وحدها.. وإنما تتداخل كثيرا بين أبناء المنطقة الجغرافية العربية. ولا ننسى روح مصر وثقافتها المنتشرة في كل البلدان العربية .. وقبائل العرب من شبه الجزيرة العربية وغيرها.. مع حفظ خصوصية كل بلد وثقافته وتراثه وإثنياته التي تميزه وتلون نسيجه الإنساني والوطني.
وفي عالمنا التشابهات ونقاط التلاقي كثيرة والقواسم المشتركة أكثر بين المنطقة الواحدة وحتى بين جيرانها.
المنطقة العربية أخذت الكثير من الثقافات التي مرت عليها سواء غازية أو مغزية.
آثارنا في بلاد الشام والرافدين من أجملها وهي أهلنا جميعا الآراميين والسريان والآشوريين والبابليين والسومريين والفينيقيين والاكاديين ومصر الفراعنة واليمن وشبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا.. والحضارات والدول الإسلامية العديدة وحضارات كثيرة وهذه بعض من أهمها..
ومن آثارنا التي نعتز بها أيضا ما تركه الرومان واليونان في بلادنا من أثار بناها أبناء بلادنا تحت الحكم المحتل الذي تداخل بشكل كبير مع أهلنا وأصبح جزء منهم. وبالمقابل وكذلك الكثير من أبناء بلادنا هم الذين أرسلوا إلى روما وبلاد الإغريق بعضا من أهم المعماريين والساسة والفلاسفة وغيرهم.
واليوم نرى قرب الثقافة اليونانية والتركية من بعض الثقافات العربية سواء في الطعام أو الملبس أو السكن. ونرى ذلك بوضوح شديد في جنوب سوريا وفلسطين مع اليونان ونراه في الشمال مع الأتراك.
وجاءنا العثمانيون محتلين وأخذوا الكثير الكثير والكثير منا من الثقافة والعلم والفلسفة والعمارة وكذلك أخذنا نحن منهم.. وجاءنا من دمر الثقافات واحرقها بشكل وحشي مثل المغول وترك لنا لا شيء سوى ذكرى أليمة.. وربما بعض أثار في إعداد أنواع من الطعام — حسبما يقول البعض التأثير كان في طرق إعداد بعض الوجبات التي يختلط فيها المذاق الحلو والمالح. ومنها إضافة الفاكهة إلى بعض الطعام المطبوخ وهي منتشرة في أسيا الوسطى والصين.
التبادل الإنساني قائم ودائم على مر العصور وسواء أكان بسبب مؤلم كاحتلال مثلا أو كان بسبب إيجابي وحتمية القرب الجغرافي.
ما بقي وعاش مع الشعوب هو اثر وتداخل إنساني ويمكننا أن نبني عليه القرب وليس البعاد. طبعا مع حفظ الحقوق. بالتأكيد أولا حفظ الحقوق..
إنها شمولية التبادلية الإنسانية.