شعر: نسرين حبيب
يَحدثُ دَومًا
تحتَ جسرٍ عتيق
في نفقٍ مظلم
تَقِفُ
تَنظرُني من أطرافِ عَتْمَتِه
بِعَينَيْنِ فارغتَيْن
وشعرٍ أملس مفرود على العنق
وثيابٍ رثّة
مُهَنْدَمَة بِتَعاسةِ الأقدار
تَقِفُ
بِبَلاهَةِ الأطفال
وسَذاجَةِ المُدَّعين
شارِدَةَ النّظرات
داخِلها أَجْوَف
تُحدّقُ فيَّ بِتَجَرُّد
كأنّها لا تَعرِفُني
تَقِفُ
بحزنٍ أثير
بِوَهنٍ فاضِح
تَستَنِدُ إلى نصفِ جدار
تَتَرنَّحُ بخِفَّة
من دونِ جسد
تَتشنّجُ أوصالُها من العدم
من دون روح
تَقِفُ
تَنتظرُ دَعوَتي
أَمدُّ لها الذّراع
المسافةُ بعيدة
أَمدُّ لها اليَراع
والكلمات نديدة
إنّي أَعرفُها
أَقربُها
في آخرِ البهوِ الفسيحِ
تَقِفُ
وأُناديها
بِخوفٍ.. بلهفة
بضراوةٍ.. بألفة
لا تَأتي حراكًا
لا تَجرؤ اقترابًا
تَعالَيْ
نسرينتي تَعالَيْ
أَصرخُ بها
لا فِصام بيننا
لا جدال
استكيني فيّ
طال الفِصال
انكشي في القعر
بعثري الخفايا
ابحثي في الحنايا
لا تُعَثّرُكِ الحواجز
ولا تَدفِنُكِ البقايا
تسلّلي الجوفَ المُقَعَّر
التحمي
تُؤلِمُكِ وخزاتُ الأشواك
تَنحَرُكِ حِرابُ الأنا
من آخرِ النّفقِ تحرّري
كسّري قيودَ الجفا
ارثي عفنَ الحال
طوفي على سطحِ الضّيا
في حَلَكِ الظّلامِ نفق
بصيصُ أضواء خافتة في سُحُبِ الغسق
أشعليها
رمّمي نصفَ الحائطِ المشروخ
اعبري جسورَ الدّوّامة
امحي آثار الدّنايا
واكسبي ثوابَ الأنا..