بقلم: عادل عطية
في ليلة ليلاء غاب فيها القمر، والنجوم كانت تضئ فيها بطيئاً كالشمعة اليتيمة في غرفة مهجورة، شعرت أنى منفى من هذه الأرض إلى مجاهل العدم كما لو كنت داخل قبر مظلم!
ومثلما تتسلل الدودة إلى ظلمة الأرض، بدأ الحنق يتسلل إلى أعماق نفسي، ثم يجثم على حطام قلبي، ويطلق صوتاً يحاكي نعيب البوم في العتمة!
صببت اللعنات على تلك السوداوية الغاضبة، ولكن صرخاتي تحولت إلى سحاب غامض، يفرش تعتيماً أكثر حولى، وداخلى!
وقبل أن تغطيني ظلمة المعاناة والأحزان، ويبتلعني اليأس، تداركتني العناية الإلهية، فأشرقت فيّ الحواس المضيئة، والأفكار النورانية، فتذكرت: أننى مع كل البشر، ندور بالأرض، وتدور بنا، في رحلة يومية حول نور النهار تارة، وحول دياجير الليل تارة أخرى. أما الشمس، فهي ثابتة شامخة في أعماق الفضاء، تشهد على نور الله في الخليقة، وعناية الله بالإنسان، وقلب الله الفائض نحو البشر!
نحن لا نستطيع إيقاف دوران الأرض، لأنها بالقدرة العليا والحكمة تدور دورة الحياة، وفي دورنا، نقف في محطة الليل، ولا يسوغ لنا ونحن في رحلتنا هذه، أن نحملق فى الظلام ونلعنه، ولا أن تضعف ونجبن ونذل، بل نضئ فى دواخلنا شمعة الأمل، ونحاول أن نستشعر معه النور والدفء القادمين من بعيد، ونمتصهما من أبعد نجم!
انظروا إلي شجرة دوار الشمس، وهى تتجه صوب الشمس، وتتطاول في كل اتجاه، حتى يصلها ولو نبضات قليلة من ضوئها!
وإن كانت بعض الأزهار، يفوح شذا عطرها في دجى الليل، فليكن شذانا: أن نتخلى عن أنانيتنا، وألا نقف في موقعنا كي لا نشاهد من عالمنا سوي نصفه المظلم، بل نركز أنظارنا على النصف الملئ بالنور، حيث الشمس هناك،على الجانب الآخر من الأرض، تمنح لأخوتنا البشر، ما يحتاجون إليه: من الدفء، والضياء، والحياة!…