بقلم: فـريد زمكحل
دائما ما تحتاج الأنظمة الجديدة التي وصلت لسدة الحكم في أي بلد بعد ثورة شعبية لمسمى جديد تندرج تحت العديد من الشعارات والأهداف الوطنية التي تُرضى جموع الثوار وتطلعاتهم المشروعة في حياة كريمة آمنة ومستقرة لهم ولأولادهم في الحاضر القريب والمستقبل البعيد.
وهو الأمر الذي حدث في مصر بعد سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين وسيطرة المجلس العسكري على سدة الحكم بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي بعد تفويض شعبي عارم، الذي اختار ورفاقه مسمى «الجمهورية الجديدة» إيذاناً لبدء عهد جديد رُفع فيه العديد من الشعارات البّراقة من أهمها:
1- القضاء على الإرهاب
2- منع وحظر عمل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة مراكزهم وحساباتهم المصرفية والقبض على أعضاء مجلس إرشاد الجماعة.
إلا أن الجهات الأمنية وبتوجيهات سيادية قامت باستخدام شعار القضاء على الإرهاب بصورة تخطت مدلول التعريف العالمي لمفهوم الإرهاب، ومن هو الإرهابي ما أدى في النهاية إلى قيامها بالقبض على كل من يختلف مع الدولة أو يعارض النظام حتى ولو كان هذا الإختلاف في حدود القانون وتحت مبادئ حقوق الإنسان العالمية وحرية الرأي والتعبير التي تجاوزتها السلطة من خلال اعتقال وحبس العديد من النشطاء السياسيين والحقوقيين، بالإضافة للكتّاب والمثقفين في جميع المجالات العامة من ثقافية وفنية ونقابية، بما فيهم كبار الصحفيين من أصحاب الرأي المخالف لسياسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية، وتفاقمت سيطرة القبضة الأمنية وتوغلت مع الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها البلاد نتيجة ظروف خارجية وداخلية وأدت إلى ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، حيث تنوعت التهم مع اختلال ميزان العدالة ودورها في تحقيق العدل من خلال القانون وتطبيق القانون الذي تجاوزته بعض الجهات الأمنية، ومازال يعاني بسببه آلاف المعتقلين الذين تم اعتقالهم دون توجيه أي اتهام واضح بشأنهم ولم يتم عرضهم على أي جهة تحقيق رسمية ولم تصدر في حقهم أية أحكام قضائية واضحة.
والسؤال هنا هو كيف ولماذا ولمصلحة من حدثت هذه التجاوزات الحقوقية دون مساءلة أو تدخل من أي مسئول سيادي أو أية جهة قضائية في الجمهورية الجديدة؟
الأمر الذي شوّه ونال من مصداقية النظام والأهداف الحقيقية لهذه الجمهورية الجديدة عند البعض والتي اكتسبت المزيد من الأعداء لها ولأهدافها الوهمية بتوفير الخبز وضمان الحرية والكرامة الاجتماعية لأصغر مواطن إلى أكبر مواطن يعيش عل أراضيها.
واختارت المضي في طريق من اتجاه واحد لا يمكن لمن يسير عليه العودة إلى الوراء لتغيير المسار بما يضمن تصحيح المسار السياسي الخاطئ للدولة في مقابل انتماء وولاء المواطن لها للوصول بالوطن إلى شواطئ الاستقرار والتقدم ودفع عجلة الاقتصاد بها للأمام والذي بات قاب قوسين من الانهيار إلى وضعية أمنة تقضي على التضخم والفقر لمصلحة محدودي الدخل من الغالبية.
ولكي يتم هذا لابد من إتباع الخيار الديمقراطي الذي يحترم حقوق المواطن المشروعة في حياة نيابية طاردة للفساد المنتشر حالياً في كل مناحي الحياة بصورة غير مسبوقة ولم يعهدها من قبل الكبير قبل الصغير مع غياب الشفافية وتراجع مصداقية الدولة واهتزاز ثقة المواطن بكل ما يصدر عن الدولة من قرارات حكومية أدت إلى هبوط الجنيه وهبوط الأخلاق وضياع القيم وغلاء المعيشة بالتبعية!
اللهم إني قد بلّغت أللهم فأشهد.