بقلم: سليم خليل
إنها المطربة دنيا يونس التي غنَّت ألحان زكي ناصيف مع وديع الصافي في السبعينات من القرن الماضي في فترة النهضة الموسيقية والشعرية والمسرح اللبناني الذي غزا العالم العربي وأوروبا والأميركيتين، اشتهرت المطربة دنيا يونس بأغنية وينك يا جار الذي تدعو فيه الجيران في القرية لشرب فنجان قهوة الصباح؛ وأصدرت دنيا ألبوم تغني أغنية أبو الزلف في مطلعه بصوت قوي ورنيم خلاب. تولت مبيع الألبوم شركة لبنانية لتسويقه في لبنان والدول العربية .
في الثمانينات من القرن الماضي كان الفنانان البريطانيان دافيد بيرن و براين إينو يخرجان ألبوم بعنوان : الحياة في الأدغال مع الأشباح ؛ وأرادوا أن يتضمن الألبوم ألحان من كافة الثقافات والتقاليد في العالم .
من أحد بائعي تسجيلات موسيقية في لندن أشترى الفنانان تسجيلات مختلفة بلغات عديدة من ضمنها ألبوم دنيا يونس.
افتتحت دنيا التسجيل بأغنية أبو الزلف الشعبية التي يغنيها الأطفال والشيوخ من كافة طبقات الشعب اللبناني كما يغنيها حاليا كافة المطربين مشاهير أو عاديين ؛ وكثير من المطربين العرب في زياراتهم للبنان يغنون أبو الزلف وكأن هذه الأغنية جزءً لا يتجزأ من التراث اللبناني والسوري والأردني.
لم تستمر دنيا يونس في مشوارها الفني بالرغم من تباشير بالنجاح ؛ صوتها من أجمل الأصوات وشخصيتها مميزة ساحرة على المسرح . تزوجت واعتزلت الغناء ورزقت عدة أولاد وقررت إعطاء حياتها لتربية أولادها والاهتمام بعائلتها وزوجها واختفت نهائيا عن الأنظار .
أما بالنسبة لإخراج ألبوم الحياة في الأدغال مع الأشباح، أعجب المخرجان البريطانيان بسحبات هيهات يا بو الزلف فأدخلوها في أكثر المقاطع الموسيقية غربية عربية أفريقية أسيوية إلخ .. ونجح الألبوم نجاحا عالميا .
قبل إصدار الألبوم هناك حقوق ملكية الأغنية وكاتبها وملحنها. حاول المخرجان الحصول على ترخيص باستعمال الأغنية ووضعوا إعلانات في الصحف وسألوا بائع التسجيلات الذي أكد أنه لا يتذكر كيف ومتى وَجد الألبوم الموضوع مع مجموعة ألبومات قديمة غريبة لم يطلبها أحد ؛ حتى على أسئلتهم المرسلة إلى لبنان كان الجواب هذه أغنية شعبية قديمة عمرها مئات السنين لا يملكها أحد.
لكن المخرجين إحتفظا أدبيا وفي ذاكرتهم بإسم المطربة وصوتها وسحبات الأغنية التي ساعدت على انطلاق الألبوم عالميا؛ مؤخرا علم المخرجان أن دنيا يونس عادت من الغربة لتستقر في لبنان واتصلا بها وأرسلا مبلغا من المال لم يعلن عنه، وهكذا حصلت دنيا وهي في السبعينات من عمرها ولها أولاد وأحفاد عدة ؛ على تعويض أعادها إلى ذكريات الشهرة والمسرح وتصفيق المشاهدين الذي ينعش كافة الفنانين كعربون وفاء وتكريم لمن أفرحهم بصوته وبكلمات أغنيات وأشعار نظمها شعراء موهوبون يسحرون المستمعين بنسيج كلماتهم التي تحيي القلوب وتنسي الهموم .