بقلم: شريف رفعت
هل هذا هو قَدَرُها؟ قدر عائلتها كلها؟ كانت مثل باقي عائلتها لثغاء، مهما حاولت أو حاولوا تصحيح نطقهم لا ينجحون، شيئا وراثيا هو في العائلة، تقول الحكايات أن والدتها عندما تزوجت والدها لم تكن لثغاء لكن بمضي الوقت أصبحت هي الأخر مثلهم.
في تعاملها مع الآخرين السَوِيين شعور غلاب بالنقص، ترى كيف ينظر الآخرون لها و لعائلتها، البعض عديمو الإحساس يسخرون منهم و من عاهتهم، لكن حتى من يتعاملون معهم بطريقة متحضرة مؤدبة ترى ما حقيقة شعورهم؟ هل يأخذونهم باستخفاف نتيجة نقصهم هذا؟
تحاول أن تعيش حياتها عيشة طبيعية، لكنها لا تستطيع أن تكف عن السؤال ماذا جنت عائلتها و ماذا جنت هي حتى يصابوا بهذه اللعنة، تتفاوت ردود فعل العائلة نحو لعنتهم هذه، جميعهم يحاولون في حديثهم أن يختاروا الكلمات التي لا تظهر لثغتهم فيؤثر ذلك على مقدرتهم على التعبير. البعض مصاب بالإكتئاب منطوي على نفسه يجتر عاهته في صمت، آخرون يخفون حزنهم و ألمهم بمهارة و يتظاهرون بأنهم يعيشون حياة عادية خالية من الشعور بالنقص، فريق آخر بالذات الشباب منهم يعترضون على قدرهم، يتجلى ذلك في نقاشاتهم فيما بينهم و مداخلاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي التي تـُقْطـِر رفضا و مرارة.
أخوها كان أقدرهم على التعامل مع هذه العاهة، يميل للهزار و المرح، يسخر من عاهته و عاهتهم، وسط أفراد العائلة يبالغ عن عمد في نطقه الخطأ للكلمات و لسان حاله يقول “هذا هو أنا و على العالم أن يقبلني كما أنا”، واضح أن عاهته و عاهة عائلته لا تضايقه إطلاقا. عندما يراها مكتئبة بسبب عاهتها و عاهة العائلة يحاول أن يخفف عنها، يذكرها بأن عائلتهما أحسن من غيرها، يعدد لها النـِـعَم التي أنعم الله بها عليهم، يقول لها أن الحياة قد لا تكون رائعة لكنها مازالت جميلة و تستحق العيش دون حزن و ألم و إكتئاب.
كانت هي و أغلب أفراد العائلة معجبون بأخيها، بإيجابيته، بمرحه، بخفة دمه، بمقدرته على السخرية من واقعه و واقعهم البائس، بابتساماته و دعاباته، لكن البعض بالذات الشباب رواد شبكات التواصل الاجتماعي كانوا يرون أن تصرفاته و شخصيته عموما يتسمان بالهيافة، تدرك هي ما يعنون و إن كانت لا تدرك إذا كان ما يدعونه هيافة هي سمة متأصلة فيه أم مجرد واجهة يتخذها من أجل جو عام سعيد مرح. ببساطة كان أكثر ما تقدره في أخيها هو حبه للحياة، لذلك فقد وقع عليها كالصاعقة خبر إنتحاره.