بقلم: سونيا الحداد
أي إنسان عاقل يعرف اليوم أن الشعوب لم يعد لها الخيار في تقرير مصيرها وخاصة الدول الصغيرة التي لسوء حظها تقع في محور جغرافي استراتيجي، أو غني بموارده الطبيعية والتاريخية، وأن حقوقها لم تعد محمية من قبل المنظمات الدولية وجميع الألقاب الطنانة الرنانة التي تنعم بها علينا بغية زرع التفرقة، جمع التبرعات والموالين لمصالحها الجهنمية، وأن القانون الدولي بات مجرد أداة لحماية القوى العظمى التي تتحارب فيما بينها بهدف الحصول على أكبر عدد من المكاسب بعد كل غزوة. نعم، ما يعيشه العالم اليوم هو غزوات سواء ميدانية أو فكرية يبررها القول الميكيافيلي الشهير» الغاية تبرر الوسيلة»؛ أما الإنسان وحقوقه، في دوامة جنون العظمة هذا، فهو حلم نقرأ عنه بين السطور ونعيق الغربان الذي يملأ جميع المحطات الفضائية والإعلامية على مدار الساعة وفي كل مكان. لم تنشأ ثورة أو انفجرت حرب منذ نهاية الحرب العالمية إلا وكانت نتيجتها مأساة دموية ودمار اقتصادي ومحلي شبه كامل دفع أهل البلاد ثمنها والمستفيد الأول من مهّد الطريق لها. وها هي أوكرانيا حاليا الدليل الأحدث لهذه المأساة. اليوم يدعو الرئيس الأوكراني إلى الحوار مع بوتين! بعد أن أدرك أنه وقع في فخ الوعود الملفقة.
عجبي كيف أن العالم بالرغم من توفر جميع مصادر المعرفة بين يديه في زمن الفضائيات، كيف لا يدرك مدى خطورة اللعبة التي تحاك خيوطها علنا. هل نسينا ما قاله ترامب يوم كان رئيسا، متوجها إلى إيران، بأنه «إن لم تكن معنا سوف ندمرك ونقصف ثرواتك إلى أن تركع لنا… لن نسمح لك أن تكون أقوى أبدا، فنحن نملك الحق المقدس في إزالتك كليا». هذا الكلام لم يصدر عن الداعشية بل رئيس الولايات المتحدة! هذه حقيقة يتوارثها جميع الرؤساء وليس ترامب وحده، الفرق هو أنه صرحها علنا وبكل صراحة شرح لنا الأسباب والأهداف. دعانا إلى صحوة حقيقية والاختيار في الموالات. كفانا التحجج بحقوق الإنسان والحريات والمساواة والخ الخ الخ التي تفتح أبواب الثراء الفاحش على حساب البؤساء.
البشرية بأكملها على علم بأن المنشآت النووية تتواجد في كل مكان، وأن الكرة الأرضية قد تنفجر وتزول بسبب تواجد هذا الخطر المستديم حتى دون حروب. أي خلل أو كارثة طبيعية ستقول لعالمنا ولمن يصيح علي مزبلته:»عليك السلام».
لذلك أعود وأكرر أن العالم المستقبلي وما سيتبقى منه، سيتواجد في صحون طائرة يتم التحضير لها حاليا، وأن من يلعب بالنار اليوم يعرف مسبقا عواقب هذه اللعبة وأن الأقوى هو الذي يستمر. هذا هو تاريخ البشرية ولن يتغير شيء طالما يتواجد الإنسان الذي سيستمر في القتال وغزو الفضاء وكل ما يتحرك حوله من خلال صحونه الطائرة. أما نحن من نكلم الفراشات والطيور، وننظر إلى العالم من خلال عيون الأطفال سنكتفي بنشر النور حيث يحل الظلام وإهداء لمسة الحنان لأرواح معذبة تعيش قدرها والقدر لا يكتبه اله سادي معلق في سماء ما بل هو من صنعنا نحن بالذات!