بقلم: الدكتور عبد العليم محمود
ما هو دور الأم في علاج عيون أطفالها؟
1) بعد أن تلمح الأم:
1- إحمرار العين
2- وعندما تسيل الدموع
3- أو يبدأ الصديد في الظهور تتحول الأم إلى طبيب .. إنها قد تضع قطعة من الشاش على العين ثم تربطها بمنديل وتظن بذلك أنها تحفظ العين من التلوث .. والواقع عكس ذلك لأنها بهذا التصرف تعرض العين إلى خطر كبير.
2) أو قد تسارع الأم إلى استعمال قطرة أو مرهم سبق استعمالهما بنجاح في علاج أحد أفراد الأسرة.
1) وهي بذلك تظن أنها تقرب العين من الشفاء .. والواقع عكس ذلك تماماً لأن طريق الشفاء يطول ويصبح أكثر صعوبة.
ولكن إذا كان الأمر كذلك فهل نلغي دور الأم في علاج عيون الأطفال؟
الرد: لا فمسئولية الأم هنا قبل مسئولية الطبيب .. وأخطاء الأم تبدأ قبل ظهور المرض.. إنها في الواقع تقع في الخطأ فيترتب على ذلك ظهور المرض.
1) مثلاً : قد تترك طفلها فريسة للذباب الذي يحوم حول عينيه أو على العموم لا تهتم بنظافة الطفل وهكذا تصل الميكروبات إلى عينه فيحدث الالتهاب.
2) وعند وصول الميكروب إلى العين يحدث هذا التهيج الذي ينتج عنه إحساس الطفل بالحرقان في عينه.. مما يدفعه إلى الضغط على العينين خلال عملية الهرش وفي ذلك خطورة واضحة .. إذ إنه يساعد على زيادة غزو الميكروبات لهذا الغشاء الرقيق المبطن للجفون “الملتحمة” وهكذا يتكون الصديد .. وهو عبارة عن خلايا أصيبت عندما وصلت الميكروبات إلى الغشاء المبطن للجفون .. ونتيجة لهذه الإصابة ماتت بعض الخلايا .. وكلما زاد عدد هذه الخلايا الميتة زادت كمية الصديد .. معنى ذلك أن شدة الإصابة يمكن أن تقاس بكمية الصديد. والذي يجب أن تعرفه عن هذا الصديد أنه يحتوي على مواد سامة.
3) وعند هذا الحد يبدأ الخطأ الثاني الذي قد تقع فيه الأم .. إنها قد ترى الصديد ينهمر من عيني الطفل .. دون أن تتحرك.
4) هنا تتكون التقرحات في القرنية، معنى ذلك خطر على الرؤية وحتى إذا عولجت هذه التقرحات فإنها ستترك الأثر: السحابة.
وقد تتصرف الأم هذا التصرف الخاطئ، إنها قد تغطي العين بقطعة من القطن، ثم تثبتها بربط منديل حول الرأس.. والخطأ هنا واضح.. لأن هذا الأخير يؤدي إلى تراكم الصديد داخل العينين.. وهذا الصديد يحتوي على مواد سامة تؤدي في النهاية إلى تكون قرحة في القرنية.
5) وفي بعض الأحيان تسرع الأم باختيار مرهم .. أو قطرة لعلاج الحالة.. إنها تفعل ذلك دون أن تستشير الطبيب، بذلك لأنها جربت هذا المرهم.. أو هذه القطرة في علاج فرد آخر من أفراد العائلة.
وهذا خطأ .. لأنه في الواقع يضلل الطبيب.. لأن حالة المرض لا تظل على ملامحها.. فتأثير الدواء غير حاسم.. وهكذا نجد ملامح غامضة تضع الطبيب في حيرة عند محاولاته اكتشاف حقيقة المرض، وهذا يجعل الطريق إلى الشفاء.. أطول.
وهنا أحب أن أنبه الأم إلى هذه الحقائق:
أخذ جزء من الصديد وعمل مزرعة منها وعلى هذه المزرعة تتم تجربة أثر الأدوية المختلفة بحيث يختار الطبيب أقوى هذه الأدوية ليستعمله فتكون النتيجة: الشفاء.
هنا يستعمل الطبيب الدواء المناسب.. وبالكمية المناسبة وهي أشياء لا تستطيع الأم أن تحددها وحدها.
وجاء الآن الكلام عن الكمادات الساخنة.. إنها جزء من علاج حالة الالتهاب الصديدي.. فهي تساعد على سرعة الشفاء.
ما هي طريقة عمل الكمادات الساخنة؟
إليك الطريقة المثالية لعمل هذه الكمادات الساخنة .. فهذه الطريقة تعطى أقوى وأحسن فائدة.. ونتيجة:
1- يمكن أن تلف قطعة قطن كبيرة حول عصا رفيقة أو معلقة.
2- ثم توضع قطعة القطن هذه في ماء يغلى
3- وبعد ذلك يتم عصرها عن طريق ضغطها على حافة الأناء
4- والآن نطلب من الطفل أن يفتح عينيه ونحرك قطعة القطن التي يتصاعد منها البخار لتصبح قريبة من العين
5- ويزداد قربها حتى تكاد تلمس العين
6- هنا يغلق الطفل عينه لتوضع قطعة القطن على الجفن من الخارج.
ما هي النتيجة؟
1- إن عمل الكمادات الساخنة بهذه الطريقة يعطى فرصة شفاء أسرع.
2- وفي بعض الأحيان تكون علامات التحسن في حالة العين سبباً في تحمس الأم لوقف العلاج.. وهذا خطأ كبير .. فالعلاج يجب أن يبدأ بأمر الطبيب ويستمر بأمره ثم يوقف بأمره أيضا.. لأن وقف العلاج قبل إتمام الشفاء يحول المرض من حالة حادة لها علاجها الممكن السهل إلى “حالة مزمنة صعبة العلاج”؟
التراكوما:
ومرة أخرى قد تتكرر أخطاء الأم إذا حدث وأصيب طفلها بالرمد الحبيبي “أو التراكوما”، إن العدوى هنا تسبب الالتهاب ليس في الغشاء الرقيق الذي يبطن الجفون فقط “الملتحمة”.. بل أنه أيضا يصيب القرنية .. وهي هذا الجزء الشفاف الذي يمكن أن تشبهه بالزجاجة الشفافة التي تغطى الساعة ..
هنا نجد حبيبات على السطح الداخلي للجفن، وبجانبها نوع من الحلمات، وعندما تشتد حدة المرض تظهر التقرحات على القرنية بحيث يمكن رؤيتها بالعين المجردة.
والخطأ هنا عندما تهمل الأم وتعرض عيني الطفل للعدوى بهذا الفيروس “التراكوما” وطرق العدوى تشبه تماماً ما يحدث في حالة الالتهاب الصديدي.. ولكن الخطورة في هذه الحالة أن مضاعفات التراكوما أكثر وأخطر.
فالتراكوما “الرمد الحبيبي” يسبب إلتواء في حافة جفن العين مما يؤدي إلى احتكاك الرموش بالعين .. والنتيجة تكون السحابة مع حدوث التهاب مزمن بالملتحمة .. وإذا أهملت الحالة يكون هناك خطر كبير على سلامة العين وقدرة العين على الابصار.
وقد تهمل الأم الإسراع بعلاج الطفل.. هنا يترك الرمد الحبيبي آثاراً ضارة بالنظر تنتج عن وجود السحابة، وهنا تصبح الجراحة ضرورة لعلاج الحالة..
وأخيراً قد يعرف الرمد الطبيعي طريقة إلى عيني الطفل.. وتجرب الأم مرهم الكورتيزون وتجد أنه مفيد.. فتكرر استعماله.. ومن هنا يقع الخطأ الكبير.. والقصة من أولها تبدأ في الشهور شديدة الحرارة.
ولنا تكملة في العدد القادم