بقلم: فرج ميخائيل
ما اضعف الانسان الذى يقع فريسة تحت وطئة هذا الصراع..مهما كانت قوته او علي شأنه او وسع نفوذه…فهذا الصراع يطرحه صريعا لافكار مشوشة واحاسيس متضاربة وبالتالى لتصرفات تبدو غريبة لمن لا يعلم ما تواريه النفوس من حب وكراهية .. من قلق وسكينة..من فرح وحزن فى نفس اللحظة.
فهناك اناس نثق فيهم كل الثقة ..ونعتقد اننا نعرفهم جيدا واسلوب تعاملهم وردود افعالهم بل واكثر من ذلك . .نعتقد اننا يمكن ان نكمل السيناريو الخاص بهم واننا لا يمكن ان نخطئ حتى التنبؤ بردود افعالهم. ولكننا نستفيق ، مع الاسف،على حقيقة موجعة وهى اننا كنا نعيش فى وهم من صنع خيالنا و فى خيال نسجنا خيوطه المتشابكة من معطيات مزيفة ومن مسلمات من المفروض انه متفق عليها ولا نقاش اوخلاف على حقيقتها المثبتة.
والكارثة الكبرى ان تكون هذة هى الاسس الجديدة لحياتنا بعد ما مررنا به من احداث سياسية قاسية وكنا على” شفة حفرة من نار “
وكدنا نفقد تاريخنا واصولنا وحضارتنا وانجازاتنا ونجاحتنا ومستقبلنا .. وهذا يتلخص فى جملة واحدة كدنا ان نخسر وطننا ومعه هويتنا.
لقد تسلل بين صفوفنا العدو بخطة محكمة خبيثة لهدمنا وتفرقة صفوفنا بطرق دنيئة واسلوب ملتوى مستخدما منطق الحيات فى التحرك البطئ وغير الملحوظ حتى يقترب من هدفه فينقض فجأة يبث سمه فى فريسته ويشل ويعصر ويعذب ويقتل .. فتنتهى الحياة بكل مباهجها فى لحظة فيحل الخراب ويعم الحزن وتصبح ارض الوطن مقبرة لبانيها بدلاً من اعدائها ..وتكون الجحيم بدل الجنة..فيتلذذ اعداؤها ويملؤون كؤوسهم من دم الاشراف ويشربون نخب الموت ويترنحون على اصوات الآنين والصراخ وآهات المرارة والالم.
اننا نلاحظ ما تركته هذه الفترة من اثار مدمرة فى مجتمعنا اكثر من الحروب ..فاننا فى الحالتين نفقد الاحباء وتدمى قلوبنا لفراق الابطال..ولكن كنا نكسب وطننا اقصد ارضنا و وحدتنا وشرفنا وقيمنا المتأصلة ومبادئنا السامية..فنجد انفسنا بعد تحقيق انتصارتنا على العدو الخارجى نزداد محبة والفة وتتوحد مشاعرنا واهدافنا فنمضى قدما لمحو الاثار السلبيةالتى فرضتها علينا الحروب لبناء مستقبل اكثر بهجة وتألقا وابداعا يحكى لاولادنا عن اصرارنا فى الثبات على اتباع خطوات التقدم والبناء وعدم الاستسلام للضعف او الانهزام.
ولكن عندما يخون الوطن ابناؤه ويتحدون مع اعدائه لنشر السموم وتلويث القيم وخلط الامور وتشويه المواطنة وتدمير المبادئ وقتل المشاعر ونشر بذور الكراهية والعنصرية والفتك واستباحة القتل والتفرقة ليس فقط بين الجار وجاره بل ايضا بين الانسان واهل بيته..فمن اين لنا ان” ننزع الزوان من وسط الحنطة فأن انسانا عدوا قد تسلل ليلا وفعل هذا” ما اصعب ان يكون عدوى هو اخى وابى وصديق طفولتى وبدلا من ان يحمينى واحتمى فيه يكون هو اول من يطعننى ويسقينى كأس المرارة ويتهلل فرحا بخزي وعارى….!!؟
ولنر ما نتائج ما فعله بنا ابنائنا وابائنا ..انهم كانو سببا مباشرا فى الخوف والقلق اللذان يسكنان بدخلنا و زرع عدم الثقة وبالتالى عدم المقدرة على المشاركة فى اي عمل بناءًّ و الشك فى حسن النوايا لتحقيق اهداف ونجاحات مشتركة مما يؤثر على وحدة الصف بين ابناء الوطن الواحد.وهذا على المدى الطويل سيؤدى الى المزيد من الصراعات التى ستؤدى بدورها الى الفشل على المستوى الشخصي والاجتماعى وبالتالى على النمو والتقدم ..وهذا هو ما يبتغيه العدو تحديدا.
فالى متى سنستمر فى دعم الارهاب والبلطجة ونفسح لهم المكان..فكيف نريد التقدم وهناك من يضع لنا العراقيل .. كيف نريد تحقيق العدالة وهناك من يوارى الحقائق..كيف لنا محو اثار الطغيان والحزن والالم وهناك من يعمل على حفر المزيد من القبور…
“فاى شركة للنور مع الظلمة” كيف يمكننا ان نثبت الشئ وعكسه..هل يتسننى لنا ان ننصف الظالم والمظلوم..هل هكذا تستقيم الامور .. وتتحقق الموازنة .. ويسود العدل الذى هو عماد المجتمع وترياق النفوس الحزينة والمحطمة التى ليس لها واسطة او سلطة الا الرجاء فى الله ؟؟