بقلم: سونيا الحداد
لا مكان للدين في إدارة الدولة في القرن الواحد والعشرين. هذه هي القضية المقدّسة التي يتوجب على كل إنسان يبحث عن الحرية والمساواة في الانسانية وحق الوجود أن يناضل من أجلها. إنها حقيقة تفرض مصداقيتها يوما بعد يوم من خلال ما نشاهده ونسمعه ونقرأه من جنون العبث بأديان هي ليست أديان، اله هو ليس باله، ورسل هم ليسوا برسل بالنسبة الى الملايين من سكان هذه الكرة الأرضية التي تتوحد حدودها الفكرية والثقافية وتتحرّر يوما بعد يوم، في عالم افتراضي بات هو العالم الحديث الحقيقي بعد أن ألغى جميع الحدود بين الشعوب والدول.
لا يمكن لأي فكر حرّ أن لا يعترف بلعنة الأديان وما خلفته وتخلفه من استبداد وتعسف وجرائم بحق الإنسان. لا يمكن في زمننا هذا أن نقبل بأي دين أو مبدأ أو فلسفة تدّعي أنها الأفضل، وأنها مهمة مقدّسة وكل هذا الكلام الفارغ التجاري ونحن نشهد بأم أعيننا الإنحطاط والتفكك الذي تعانيه المجتمعات، خاصة العلمانية منها، بسبب التطرف الديني واستغلاله وسيلة بشعة في تدمير الأسس الرئيسية لأي نظام ديمقراطي أو يسعى الى الديمقراطية. لا يمكن أن نسمح باستغلال قوانين وشرائع الدول العلمانية والمتطورة اجتماعيا، من قبل معاقين عقلا وروحا في الههم يحللون ضرب اسسها ومكتسباتها التي دفعت الغالي من اجل استحقاقها.
كيف لنا أن نسمح في يومنا هذا بإنشاء دويلات ضمن الدولة تحت شعار وحدة الثقافة والدين مستغلين حرية المعتقدات وسيلة لضرب الدولة وقد بتنا شهود زور؟. صحيح أن الغرور يعمي البصيرة حتى الموت ومن تملّك لعبة الدمى تملك فنّ التبخير والتنويم. يبخرونكم ذبيحة دسمة يمصون دمها قبل رميها في النار وشرب نخبها برفقة آلهكم وانتم في سبات ترددون لا حول لنا ولا قوة الا بك نستعين، وإن لم يعن تكون مشيئته، حينها كل الوسائل التدميرية مباحة في سبيله. كيف نسمح بأن يقال لنا أننا تحت راية الدين لن نقتل بل سيسمح لنا بالعيش وكأنها منّة يتكرمون بها علينا؟ كيف لنا نحن من ندّعي التقوى وحب الخير للبشر أن نقبل بأي دور تلعبه هذه الأديان في أي قطاع من قطاعات الدولة؟ الا ترون، الا تسمعون، الا تفكرون، الا تشعرون… الا تخجلون؟
العالم يتغيّر والزمن يتحوّل والعميان الصم البكم يتكاثرون، فطرا ساما ينتشر في جميع الأركان. ساعة أعود آلى قراءة التاريخ الى يومنا الحالي أدرك جسامة المأساة وأخاف النظر إلى نهاية الطريق…. هنيئا لكم الهتكم وأديانكم ايها الروبوتات… انتبهوا علي هذه الطريق الحريرية التي تُرسم لكم ، إنها مليئة بالمطبات وأنتم لستم لها. من يدري حجم الهاوية نهاية الطريق وحجم الكارثة. لن تنفعكم الأديان حينها ولا الالهة ولا الصلاة. وحدها العلمنة والاقتناع بمبادئها تعطينا الأمل في مستقبل لا نرى له أي أمل!
لا تحزن أيها القارئ من قساوة الكلام، إنه أرحم بكثير مما يهيّأ لك. أنصحك بأن تراجع ضميرك لعله يهديك سبيل العلمنة دينا ترقى به الى أسمى المراتب الانسانية والنورانية لو أنك فعلا تبحث عنها بصدق، ويسمح لك بالمساهمة يوما في مواجهة طاعون أديان هذا العالم !