بقلم: كلودين كرمة
العزيز الغالى هو ما نقدره و نحبه ونحترمه ونفتديه ..ولكن فى عصرنا هذا ظهر مفهوم اخر ومعنى مختلف لهذه الكلمات ؛ فأصبح العزيز هو ما يعز علينا الحصول عليه والغالى هو ما لانستطيع ان نقتنيه.!
فانه اصبح من الصعب ان نحصل على ضحكة من القلب صافية دون الم او ان نرى نظرة فى عيون احبائنا خالية من القلق والحيرة وأصبحنا عاجزين عن ان نفرق بين دمعة الحزن ودمعة الفرح فيختلط الامر علينا؛ كما انه لا نستطيع ان ننعم براحة البال دون ان تهاجمنا الوساوس وتقلقنا المخاوف.
فأين نجد لانفسنا مكان تنعم فيها بالهدوء بعيدا عن تقلبات هذا الزمان وكيف يتسنى لنا الشعور بالراحة النفسية و الحصول على الاستقرار فى شتى مجالات الحياة حتى نسعد بأيامنا ونحقق اهدافنا ونسعى الى نجاح مشرف تنعكس ضياؤه على وجهوهنا فيزيدها اشراقا ؛ وعلى ارواحنا فيبهجها ابتهاجا وعلى اخلاقنا فتسموا سموا وعلى محيانا فيزيده جمالا.
نعم لقد اصبح الغلاء -بمعناه المحرف – مرادف للبخل ..عجبا !! فالابتسامة غالية فلا اعطيها إلا لمن اريد وليس لمن بحاجة اليها، والعطف شحيح فلا اعطف إلا بعد ان يضيق صدرى ، والشفقة اصبحت مجرد كلمة مجردة من معانيها، لا يستطيع الانسان تطبيقها لأنه يرى انه هو دائما من يستحقها ؛ فأين نجد انسان يبادر بالعطاء-ليس العطاء المادى ما اعنيه هنا-
فان ما كان فى زمان مضى واجب يقتضى فعله اصبح منة لا بد ان يستجديها المنتفع منها ، يا لها من مأساة ، الموظف ايا كان مكانه او المسئول فى اى منصب لا يبدى الاهتمام او المبادرة للمساعدة او دفع الأذى حتى انه لا يسعى لحل اى مشكلة مدام لا يعنيه الأمر او الأصح طالما لم يكن هو المتضرر من العواقب ؛ فأين اختبأت النخوة والى أين ذهبت الرحمة وأين توارت الإنسانية اين الالتزام وتحمل المسئوليه والتدافع لأداء الواجب وإظهار الشهامة ونصرة المظلوم وإظهار الحقيقة ونصرة الحق!!؟؟
لقد اختفت هذه المعانى قلبا و قالبا ولا دليل على سيادة الاخلاق الحميدة والخصال الكريمة ..بل ان هذا الفكر الراقى اصبح يسئ الى صاحبه حتى انه يتصف بالبلاهه، والعواطف النبيلة تتصف بالسذاجة ، ونجد ان قلة قلية هى التى تقدر المشاعر وتعترف بالفضل وتعلى من شأن أقرانها لا عن مضض ولا اضطرار بل بقناعة تامة ان فى اكرام الاخرين اكراما للنفس، وان ما يمنحه الانسان من حب و احترام انما فيه اظهار لعلو مكانته وأصله الطيب..
[ ] ومن المؤسف ان هذا الفكر الشرس والأسلوب المهين للإنسانية انتشر انتشار الوباء وتوغل فى العقول والقلوب وعشش فيها فأظلمت العقول وتحجرت القلوب ‘، وبدأ يترعرع وكأنه وجد البيئة الملائمة و بخاصة وسط هذه الاحداث المتلاحقة على المستوى السياسى و الاقتصادى العالمى ؛ فعلى المستوى الدولى يعلو صوت الاقوى وليس الاصلح ، فيفرض العقوبات ويقوم بتوصيات و ينذر بالاستعمار ( المقنع) ويهدد بالدمار و يصدر قرارات اولا وأخيرا فى مصلحته الشخصية حتى يتحدث عنه التاريخ انه انجز المشروعات المختلفة وانه نهض بالاقتصاد ودعم الجيش و لكن هل يذكر كم مدينة دمرت وكم من العائلات تشردت وكم قلب دمى ،، افلا تكفينا الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وفيضانات وغيرها ؟؟ الاجابة بالنفى …ولا تتعجبو . لان بدلا من نسعى للتطور العلمى فى المقام الاول لإسعاد البشرية ونموها وتحضرها ..اننا نفكر فى الأسلحة الفتاكة التى يقتل بها الانسان انسان مثله ويبيد ذكر امم غير معنيا بشئ إلا نصرته حتى لو فى الموت والدمار ، يتباهى ويعلن سعادته الغامرة بشره بأنه قتل وافنى ومحى ..بدلا من ان يعلن انه احيا وأوجد و خلق..فهل هذا هو الانسان ام انه مخلوق أخر غريب زرع وسطنا ونما بيننا وأصبح الفصل بيننا صعب اختلطت الأمور واهتزت الرؤية و اصبح هذا “ المستنسخ “ يسيطر علينا ويضيق الخناق حتى نخضع لطبائعه وتهديداته ..فاحذروا وميزوا وافصلوا العدو الذى يأتى ليلا فيزرع الزوان وسط القمح والشوك والحسك فى جوانبنا فنعتاد على تذوق المرار والألم ونستعذبه ونقوم بدورنا فى اطفاء اخر اشعاعات الأمل المضئ الذى اصبح عليه شق الكثير من السحب حتى تسطع ضيائه مرة اخرى فيضئ قلوبنا قبل اذهاننا حتى ننعم بالراحة والتحضر والرفاهية.